الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم

                                                                                                                                                                                                أراد بذهابه إلى ربه : مهاجرته إلى حيث أمره بالمهاجرة إليه من أرض الشام ، كما قال إني مهاجر إلى ربي [العنكبوت : 26 ] "سيهدين " سيرشدني إلى ما فيه صلاحي في ديني ويعصمني ويوفقني ، كما قال موسى عليه السلام : كلا إن معي ربي سيهدين [الشعراء : 62 ] كأن الله وعده وقال له : سأهديك ، فأجرى كلامه على سنن موعد ربه . أو بناء على عادة الله تعالى معه في هدايته وإرشاده . أو أظهر بذلك توكله وتفويضه أمره إلى الله . ولو قصد الرجاء والطمع لقال كما قال موسى عليه السلام : عسى ربي أن يهديني سواء السبيل [القصص : 22 ] . هب لي من الصالحين هب لي بعض الصالحين ، يريد الولد ; لأن لفظ الهبة غلب في الولد وإن كان قد جاء في الأخ في قوله تعالى : ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا [مريم : 53 ] قال عز وجل : ووهبنا له إسحاق ويعقوب [الأنعام : 84 ] ووهبنا له يحيى [الأنبياء : 90 ] وقال علي بن أبي طالب لابن عباس رضي الله عنهم -حين هنأه بولده علي أبي الأملاك - : "شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب " . ولذلك وقعت التسمية بهبة الله ، وبموهوب ، ووهب ، وموهب ، وقد انطوت البشارة على ثلاث : على أن الولد غلام ذكر ، وأنه يبلغ أوان الحلم ، وأنه يكون حليما ، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح ، فقال : ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، ثم استسلم لذلك . وقيل : ما نعت الله به إبراهيم في قوله : إن إبراهيم لأواه حليم [التوبة : 114 ] ، إن إبراهيم لحليم أواه منيب [هود : 75 ] ; لأن الحادثة شهدت بحلمهما جميعا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية