[ ص: 320 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الأنعام 
مكية [إلا الآيات 20 و 23 و 91 و 93 و 114 و 141 و 151 و 152 و 153 فمدنية] 
وعن  ابن عباس   : غير ست آيات ، وآياتها 165 [نزلت بعد الحجر] 
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون   
"جعل" : يتعدى إلى مفعول واحد ، إذا كان بمعنى " أحدث " و “ أنشأ" ; كقوله : وجعل الظلمات والنور  ، وإلى مفعولين ; إذا كان بمعنى " صير" ; كقوله : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا   [الزخرف : 29] ، والفرق بين الخلق والجعل : أن " الخلق " فيه معنى التقدير ، وفي الجعل معنى التضمين ; كإنشاء شيء من شيء ، أو تصيير شيء شيئا ، أو نقله من مكان إلى مكان ; ومن ذلك : وجعل منها زوجها   [الأعراف : 189] وجعل الظلمات والنور   ; لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة ، والنور من النار وخلقناكم أزواجا   [النبأ : 8] أجعل الآلهة إلها واحدا   [ص : 5] . 
فإن قلت : لم أفرد النور؟  [ ص: 321 ] قلت : للقصد إلى الجنس ، كقوله تعالى : والملك على أرجائها   [الحاقة : 17] أو لأن الظلمات كثيرة ; لأنه ما من جنس من أجناس الأجرام إلا وله ظل ، وظله هو الظلمة ، بخلاف النور ; فإنه من جنس واحد ; وهو : النار . 
فإن قلت : علام عطف قوله : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون  ؟ 
قلت : إما على قوله : الحمد لله  على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق ; لأنه ما خلقه إلا نعمة ، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته ، وإما على قوله : خلق السماوات  على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه . 
فإن قلت : فما معنى " ثم"؟ 
قلت : استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته ; وكذلك : ثم أنتم تمترون   [الأنعام : 2] استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					