وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون
وقرئ : "وأن هذا صراطي مستقيما" ، بتخفيف : "أن" وأصله : "وأنه هذا صراطي" ، على أن الهاء ضمير الشأن والحديث ، وقرأ الأعمش : "وهذا صراطي" . وفي مصحف عبد الله : "وهذا صراط ربكم" ، وفي مصحف أبي : "وهذا صراط ربك" ولا تتبعوا السبل : الطرق المختلفة في الدين ، من اليهودية والنصرانية ، والمجوسية وسائر البدع والضلالات فتفرق بكم : فتفرقكم أيادي سبا عن سبيله : عن صراط الله المستقيم ، وهو دين الإسلام .
وقرئ : "فتفرق" بإدغام التاء ، وروى أبو وائل عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه خط خطا ، ثم قال : "هذا سبيل الرشد" ، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطا ثم قال : "هذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ، ثم تلا هذه الآية : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : هذه الآيات محكمات ، لم ينسخهن شيء من جميع الكتب .
وقيل : إنهن أم الكتاب ، من عمل بهن دخل الجنة ، ومن تركهن دخل النار ، وعن كعب الأحبار : والذي نفس كعب بيده ، إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة .
فإن قلت : علام عطف قوله : ثم آتينا موسى الكتاب قلت : على "وصاكم به" .
فإن قلت : كيف صح عطفه عليه بـ “ ثم" ، والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل؟
قلت : هذه التوصية قديمة ، لم تزل توصاها كل أمة على لسان نبيهم ، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : محكمات ، لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ; فكأنه [ ص: 414 ] قيل : ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديما وحديثا .


