وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود   
وإذ بوأنا  يقال : بوأه منـزلا ، أي : أنزله فيه ، ولما لزمه جعل الثاني مباءة للأول قيل : لإبراهيم مكان البيت  وعليه مبنى قول  ابن عباس  رضي الله عنهما : "جعلناه" أي : اذكر وقت جعلنا مكان البيت مباءة له عليه السلام ، أي : مرجعا يرجع إليه للعمارة والعبادة ، وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر بيانه غير مرة ، وقيل : اللام زائدة ، و"مكان" ظرف كما في أصل الاستعمال ، أي : أنزلناه فيه . قيل : رفع البيت إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء فأعلم الله تعالى إبراهيم  عليه السلام مكانه بريح أرسلها يقال لها : الخجوج ، كنست ما حوله فبناه على رأسه القديم . روي أن الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات ، إحداها : بناء الملائكة وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفعت أيام الطوفان . والثانية : بناء إبراهيم  عليه السلام . والثالثة : بناء قريش  في الجاهلية . وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا البناء . والرابعة : بناء  ابن الزبير   . والخامسة : بناء  الحجاج   . وقد أوردنا ما في هذا الشأن من الأقاويل في تفسير قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت   . 
و"أن" في قوله تعالى : أن لا تشرك بي شيئا  مفسرة لبوأنا من حيث إنه متضمن لمعنى تعبدنا لأن التبوئة للعبادة ، أو مصدرية موصولة بالنهي . وقد مر تحقيقه في أوائل (سورة هود ) أي : فعلنا ذلك لئلا تشرك بي في العبادة شيئا . 
وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود  أي : وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلي فيه ، ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعت . وقرئ : "يشرك" بالياء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					