وقوله تعالى : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ، فأخبر الله عنهم أنهم لا يكتمون الله هناك شيئا من أحوالهم وما عملوه ، لعلمهم بأن الله مطلع عليهم عالم بأسرارهم ، فيقرون بها ولا يكتمونها . وقيل : يجوز أن يكون المراد أنهم لا يكتمون أسرارهم هناك كما كانوا يكتمونها في الدنيا .
فإن قيل : قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين قيل له : فيه وجوه :
أحدها : أن الآخرة مواطن فموطن لا تسمع فيه إلا همسا أي صوتا خفيا ، وموطن يكذبون فيه فيقولون ما كنا نعمل من سوء والله ربنا ما كنا مشركين ، وموطن يعترفون فيه بالخطإ ويسألون الله أن يردهم إلى الدنيا ؛ وروي ذلك عن وقال الحسن : إن قوله تعالى : ابن عباس ولا يكتمون الله حديثا داخل في التمني بعدما نطقت جوارحهم بفضيحتهم وقيل : إن معناه أنه لا يعتد بكتمانهم ؛ لأنه ظاهر عند الله لا يخفى عليه منه شيء ، فكان تقديره أنهم غير قادرين هناك على الكتمان ؛ لأن الله يظهره . وقيل : إنهم لم يقصدوا الكتمان ؛ لأنهم إنما أخبروا على ما توهموا ، ولا يخرجهم ذلك من أن يكونوا قد كتموا ، والله تعالى أعلم .