[ ص: 53 ] ولما كان الإنسان مطبوعا على الاجتهاد في حفظ حياته وبقاء مهجته، نسب فعل الموت إليه إعظاما للقدرة فقال : والذي يميتني   أي : حسا وإن اجتهدت في دفع الموت ، ومعنى وإن اجتهدت في دفع الجهل. 
ولما كان الإحياء حسا بالروح ومعنى بالهداية عظيما ، أتى بأداة التراخي لذلك ولطول المكث في البرزخ فقال : ثم يحيين  للمجازاة في الآخرة كما شفاني من المرض وإن وصلت إلى حد لا أرجى فيه ، ولم يأت هنا بما يدل على الحصر لأنه [لا] مدعي للإحياء والإماتة إلا ما ذكره سبحانه عن نمرود  في سورة البقرة ، وأن إبراهيم  عليه السلام أبهته ببيان عجزه في إظهار صورة من مكان من الأمكنة بلا شرط من روح ولا غيرها  ، وإذا عجز عن ذلك كان عجزه عن إيجاد صورة أبين ، فكيف إذا انضم إلى ذلك إفادتها روحا أو سلبها منها ، فعد ادعاؤه لذلك -مع القاطع المحسوس الذي أبهته- عدما ، والله أعلم. 
				
						
						
