ثم شرع فيما يختبره به ، فكتب له كتابا على الفور في غاية الوجازة قصدا للإسراع في إزالة المنكر  على تقدير صدق الهدهد بحسب الاستطاعة ، ودل على إسراعه في كتابته بقوله جوابا له : اذهب بكتابي هذا   قول من  [ ص: 156 ] كان مهيئا عنده ودفعه إليه. 
ولما كان عليه السلام قد زاد قلقه بسجودهم لغير الله ، أمره بغاية الإسراع ، وكأنه كان أسرع الطير طيرانا وأمده الله زيادة على ذلك بمعونة منه إكراما لنبيه صلى الله عليه وسلم فصار كأنه البرق ، فأشار إلى ذلك بالفاء في قوله : فألقه  ولما [لم] يخصها في الكتاب دونهم بكلام لتصغر إليهم أنفسهم بخطابه مع ما يدلهم على عظمته ، جمع فقال : إليهم  أي : الذين ذكرت أنهم يعبدون الشمس ، وذلك للاهتمام بأمر الدين. 
ولما كان لو تأخر عنهم بعد إلقائه إلى موضع يأمن فيه على نفسه على ما هو فيه من السرعة لداخلهم شك في أنه هو الملقي له ، أمره بأن يمكث بعد إلقائه يرفرف على رؤوسهم حتى يتحققوا أمره ، فأشار سبحانه إلى ذلك بأداة التراخي بقوله : ثم  أي : بعد وصولك وإلقائك تول  أي : تنح عنهم  إلى مكان تسمع فيه كلامهم ولا يصلون معه إليك فانظر  عقب توليك ماذا يرجعون  أي : من القول من بعضهم إلى بعض بسبب الكتاب. 
				
						
						
