ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور    . ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور   نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ    . ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون   لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد    . ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر  [ ص: 325 ] يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم   
قوله تعالى: ومن يسلم وجهه  وقرأ  أبو عبد الرحمن السلمي،   وأبو العالية،   وقتادة:   " ومن يسلم " بفتح السين وتشديد اللام . وذكر المفسرون أن قوله: ومن كفر فلا يحزنك كفره  منسوخ بآية السيف، ولا يصح، لأنه تسلية عن الحزن، وذلك لا ينافي الأمر بالقتال . وما بعد هذا قد تقدم تفسير ألفاظه في مواضع [هود: 48، العنكبوت:61، البقرة:267] إلى قوله: ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام  وفي سبب نزولها قولان . 
أحدهما: أن أحبار اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت قول الله عز وجل: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا   [الإسراء: 85]، إيانا يريد، أم قومك؟ فقال: " كلا " فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال: " إنها في علم الله قليل " ، فنزلت هذه الآية، رواه  سعيد بن جبير  عن  ابن عباس .  
والثاني: أن المشركين قالوا في القرآن: إنما هو كلام [يوشك أن] ينفد وينقطع، فنزلت هذه الآية، قاله  قتادة .  
 [ ص: 326 ] ومعنى الآية: لو كانت شجر الأرض أقلاما، وكان البحر ومعه سبعة أبحر مدادا- وفي الكلام محذوف تقديره: فكتب بهذه الأقلام وهذه البحور كلمات الله- لتكسرت الأقلام ونفذت البحور، ولم تنفذ كلمات الله، أي: لم تنقطع . 
فأما قوله: والبحر  فقرأ  ابن كثير،   ونافع،   وعاصم،   وابن عامر،   وحمزة،   والكسائي:   " والبحر " بالرفع، ونصبه  أبو عمرو .  وقال  الزجاج:  من قرأ: " والبحر " بالنصب، فهو عطف على " ما " ; المعنى: ولو أن ما في الأرض، ولو أن البحر; والرفع حسن على معنى: والبحر هذه حاله . قال  اليزيدي:  ومعنى يمده من بعده   : يزيد فيه; يقال: مد قدرك، أي: زد في مائها، وكذلك قال  ابن قتيبة   : " يمده " من المداد، لا من الإمداد، يقال: مددت دواتي بالمداد، وأمددته بالمال والرجال . 
				
						
						
