الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود . ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ومن الجبال جدد بيض أي: ومما خلقنا من الجبال جدد . قال ابن قتيبة : الجدد: الخطوط والطرائق تكون في الجبال، فبعضها بيض، وبعضها حمر، وبعضها غرابيب سود، والغرابيب جمع غربيب، وهو الشديد السواد، يقال: أسود غربيب، وتمام الكلام عند قوله: كذلك ، يقول: من الجبال مختلف ألوانه، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك أي: كاختلاف الثمرات . قال الفراء: وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وسود غرابيب، لأنه يقال: أسود غربيب، [ ص: 486 ] وقلما يقال: غربيب أسود . وقال الزجاج: المعنى: ومن الجبال غرابيب سود، وهي ذوات الصخر الأسود . وقال ابن دريد: الغربيب: الأسود، أحسب أن اشتقاقه من الغراب .

                                                                                                                                                                                                                                      وللمفسرين في المراد بالغرابيب ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: الطرائق السود، قاله ابن عباس . والثاني: الأودية السود، قاله قتادة . والثالث: الجبال السود، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ابتدأ فقال: إنما يخشى الله من عباده العلماء يعني العلماء بالله عز وجل . قال ابن عباس: يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني . وقال مجاهد والشعبي: العالم من خاف الله . وقال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية