[ ص: 270 ] سورة حم عسق 
واسمها سورة الشورى 
وهي مكية، رواه  العوفي  وغيره عن  ابن عباس،  وبه قال  الحسن،   وعكرمة،   ومجاهد،   وقتادة،  والجمهور . وحكي عن  ابن عباس   وقتادة  قالا: إلا أربع آيات نزلن بالمدينة،  أولها: قل لا أسألكم عليه أجرا   [الشورى: 23] وقال  مقاتل:  فيها من المدني قوله: ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا   [الشورى: 23] إلى قوله: بذات الصدور   [الشورى: 24] وقوله: والذين إذا أصابهم البغي   [الشورى: 39] إلى قوله: من سبيل   [الشورى: 41] . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
حم   عسق .   كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم .   له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم .   تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور  [ ص: 271 ] الرحيم .   والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل   
قوله تعالى: حم  قد سبق تفسيره [المؤمن] . 
قوله تعالى: عسق  فيه ثلاثة أقوال . 
أحدها: أنه قسم أقسم الله به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة  عن  ابن عباس .  
والثاني: أنه حروف من أسماء; ثم فيه خمسة أقوال . أحدها: أن العين علم الله، والسين سناؤه، والقاف قدرته، رواه  عكرمة  عن  ابن عباس،  وبه قال الحسن . والثاني: أن العين فيها عذاب، والسين فيها مسخ، والقاف فيها قذف، رواه  أبو الجوزاء  عن  ابن عباس .  والثالث: أن الحاء من حرب، والميم من تحويل ملك، والعين من عدو مقهور، والسين استئصال بسنين كسني يوسف،  والقاف من قدرة الله في ملوك الأرض، قاله  عطاء .  والرابع: أن العين من عالم، والسين من قدوس، والقاف من قاهر، قاله   [سعيد] بن جبير .  والخامس: أن العين من العزيز، والسين من السلام، والقاف من القادر، قاله  السدي .  
والثالث: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله  قتادة   . 
قوله تعالى: كذلك يوحي إليك  فيه أربعة أقوال . 
 [ ص: 272 ] أحدها: أنه كما أوحيت "حم عسق" إلى كل نبي، كذلك نوحيها إليك، قاله  أبو صالح  عن  ابن عباس .  
والثاني: كذلك نوحي إليك أخبار الغيب كما أوحينا إلى من قبلك، رواه  عطاء  عن  ابن عباس .  
والثالث: أن "حم عسق" نزلت في أمر العذاب، فقيل: كذلك نوحي إليك أن العذاب نازل بمن كذبك كما أوحينا ذلك إلى من كان قبلك، قاله  مقاتل .  
والرابع: أن المعنى: هكذا نوحي إليك، قاله  ابن جرير .  
وقرأ  ابن كثير:   "يوحى" بضم الياء وفتح الحاء . كأنه إذا قيل: من يوحي؟ قيل: الله . وروى أبان  عن  عاصم:   "نوحي" بالنون وكسر الحاء . 
تكاد السماوات يتفطرن  قرأ  ابن كثير،   وابن عامر،   وحمزة:   "تكاد" بالتاء "يتفطرن" بياء وتاء مفتوحة وفتح الطاء وتشديدها . وقرأ  نافع،   والكسائي:   "يكاد" بالياء "يتفطرن" مثل قراءة  ابن كثير .  وقرأ  أبو عمرو،   وأبو بكر  عن  عاصم:   "تكاد" بالتاء "ينفطرن" بالنون وكسر الطاء وتخفيفها، أي: يتشققن من فوقهن  أي: من فوق الأرضين من عظمة الرحمن; وقيل: من قول المشركين:  "اتخذ الله ولدا"  ونظيرها [التي] في [مريم: 90] . 
والملائكة يسبحون بحمد ربهم  قال بعضهم: يصلون بأمر ربهم; وقال بعضهم: ينزهونه عما لا يجوز في صفته ويستغفرون لمن في الأرض  فيه قولان . 
أحدهما: أنه أراد المؤمنين، قاله  قتادة  ،  والسدي .  
 [ ص: 273 ] والثاني: أنهم كانوا يستغفرون للمؤمنين، فلما ابتلي هاروت  وماروت  استغفروا لمن في الأرض . 
ومعنى استغفارهم: سؤالهم الرزق لهم، قاله  ابن السائب .  وقد زعم قوم منهم  مقاتل  أن هذه الآية منسوخة بقوله: ويستغفرون للذين آمنوا   [غافر: 7]، وليس بشيء، لأنهم إنما يستغفرون للمؤمنين دون الكفار، فلفظ هذه الآية عام، ومعناها خاص، ويدل على التخصيص قوله: ويستغفرون للذين آمنوا   [غافر: 7]، لأن الكافر لا يستحق أن يستغفر له . 
قوله تعالى: والذين اتخذوا من دونه أولياء  يعني كفار مكة  اتخذوا آلهة فعبدوها من دونه الله حفيظ عليهم  أي: حافظ لأعمالهم ليجازيهم بها وما أنت عليهم بوكيل  أي: لم نوكلك بهم فتؤخذ بهم . وهذه الآية عند جمهور المفسرين منسوخة بآية السيف، ولا يصح . 
				
						
						
