وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد    . 
قوله تعالى:  (وإذا تولى) .  فيه أربعة أقوال . أحدها: أنه بمعنى: غضب ، روي عن  ابن عباس ،   وابن جريج .  والثاني: أنه الانصراف عن القول الذي قاله ، قاله  الحسن .  والثالث: أنه من الولاية ، فتقديره: إذا صار واليا ، قاله  مجاهد   والضحاك .  والرابع: أنه الانصراف بالبدن ، قاله  مقاتل   وابن قتيبة .  
وفي معنى: "سعى" قولان . أحدهما: أنه بمعنى: عمل ، قاله  ابن عباس   ومجاهد .  والثاني: أنه من السعي بالقدم ، قاله  أبو سليمان الدمشقي .  وفي الفساد قولان . أحدهما: أنه الكفر . والثاني: الظلم . والحرث: الزرع . والنسل: نسل كل شيء من الحيوان ، هذا قول  ابن عباس   وعكرمة  في آخرين . وحكى  الزجاج  عن قوم: أن الحرث: النساء ، والنسل: الأولاد . قال: وليس هذا بمنكر ، لأن المرأة تسمى حرثا . 
وفي معنى إهلاكه للحرث والنسل ثلاثة أقوال . أحدها: أنه إهلاك ذلك بالقتل والإحراق والإفساد ، قاله الأكثرون . والثاني: أنه إذا ظلم كان الظلم سببا لقطع القطر ،  [ ص: 222 ] فيهلك الحرث والنسل ، قاله  مجاهد .  وهو يخرج على قول من قال: إنه من التولي . والثالث: أنه إهلاك ذلك بالضلال الذي يؤول إلى الهلاك ، حكاه بعض المفسرين . 
قوله تعالى: والله لا يحب الفساد  قال  ابن عباس:  لا يرضى بالمعاصي . وقد احتجت المعتزلة  بهذه الآية ، فأجاب أصحابنا بأجوبة . منها: أنه لا يحبه دينا ، ولا يريده شرعا ، فأما أنه لم يرده وجودا; فلا . والثاني: أنه لا يحبه للمؤمنين دون الكافرين ، والثالث: أن الإرادة معنى غير المحبة ، فإن الإنسان قد يتناول المر ، ويريد بط الجرح ، ولا يحب شيئا من ذلك . وإذا بان في المعقول الفرق بين الإرادة والمحبة; بطل ادعاؤهم التساوي بينهما ، وهذا جواب معتمد . وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: ولا يرضى لعباده الكفر   . [ الزمر: 7 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					