ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد    . 
قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه  اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على خمسة أقوال . 
أحدها: أنها نزلت في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وهو معنى قول قمر   وعلي  رضي الله عنهما . والثاني: أنها نزلت في  الزبير  والمقداد  حين ذهبا لإنزال  خبيب  من خشبته ، وقد شرحنا القصة . وهذا قول  ابن عباس   والضحاك   . والثالث: أنها نزلت في  صهيب الرومي ،  واختلفوا في قصته ، فروي أنه أقبل مهاجرا نحو النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فاتبعه نفر من قريش ،  فنزل ، فانتثل كنانته ، وقال: قد علمتم أني من أرماكم بسهم ، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي ، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ، فإن شئتم دللتكم على مالي . قالوا: فدلنا على مالك نخل عنك ، فعاهدهم على ذلك ، فنزلت فيه هذه الآية ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ربح البيع أبا يحيى"؟  وقرأ عليه القرآن . هذا قول  سعيد بن المسيب ،  وذكر نحوه  أبو صالح  عن  ابن عباس ،  وقال: إن الذي تلقاه فبشره بما نزل فيه  أبو بكر الصديق .  وذكر  مقاتل  أنه قال للمشركين: أنا شيخ كبير لا يضركم إن كنت معكم أو عليكم ، ولي عليكم حق لجواري ، فخذوا مالي غير راحلة ، واتركوني وديني ، فاشترط أن لا يمنع عن صلاة ولا هجرة ، فأقام ما شاء الله ، ثم ركب راحلته ، فأتى المدينة  مهاجرا ، فلقيه أبو بكر ،  فبشره وقال: نزلت فيك هذه الآية . وقال  عكرمة:  نزلت في  صهيب ،  وأبي ذر الغفاري ،  فأما  صهيب ،  فأخذه أهله فافتدى بماله ، وأما  أبو ذر ،  فأخذه أهله فأفلت منهم حتى قدم مهاجرا . والرابع: أنها نزلت في المجاهدين  [ ص: 224 ] في سبيل الله ، قاله  الحسن   وابن زيد  في آخرين . والخامس: أنها نزلت في المهاجرين  والأنصار  حين قاتلوا على دين الله حتى ظهروا ، هذا قول  قتادة .  و"يشري" كلمة من الأضداد ، يقال: شرى ، بمعنى: باع ، وبمعنى: اشترى . فمعناها على قول من قال: نزلت في  صهيب;  معنى: يشتري . وعلى بقية الأقوال بمعنى: يبيع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					