إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير    . 
قوله تعالى: إن تبدوا الصدقات فنعما هي  قال  ابن السائب:  لما نزل قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة  قالوا: يا رسول الله ، صدقة السر أفضل ، أم العلانية؟ فنزلت هذه الآية قال  الزجاج ،  يقال: بدا الشيء يبدو: إذا ظهر ، وأبديته إبداء: إذا أظهرته ، وبدا لي بداء: إذا تغير رأيي عما كان عليه . 
قوله تعالى:  (فنعما هي)  في "نعم" أربع لغات . "نعم" بفتح النون ، وكسر العين ، مثل: علم . و"نعم" بكسرها ، و"نعم" بفتح النون ، وتسكين العين ، و"نعم" بكسر النون وتسكين العين . وأما قوله (فنعما هي) فقرأ  نافع  في غير رواية   "ورش"   وأبو عمرو ،   وعاصم  في رواية أبي بكر ،  والمفضل:   "فنعما" بكسر النون ، والعين ساكنة . وقرأ  ابن كثير ،   وعاصم  في رواية حفص ،   ونافع  في رواية   "ورش" ،  ويعقوب  بكسر النون والعين . وقرأ  ابن عامر ،   وحمزة ،   والكسائي ،   وخلف:   "فنعما" بفتح النون ، وكسر العين ، وكلهم شددوا الميم . وكذلك خلافهم في سورة النساء . قال  الزجاج:   "ما" في تأويل الشيء ، أي: فنعم الشيء هي . وقال أبو علي:  نعم الشيء إبداؤها . وقوله تعالى:  (فهو خير لكم)  يعني الإخفاء . واتفق العلماء على أن إخفاء الصدقة النافلة أفضل من إظهارها ، وفي الفريضة قولان . أحدهما: أن إظهارها  [ ص: 326 ] أفضل ، قاله  ابن عباس  في آخرين . واختاره  القاضي أبو يعلى .  وقال  الزجاج:  كان إخفاء الزكاة  على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحسن فأما اليوم ، فالناس يسيؤون الظن ، فإظهارها أحسن . والثاني: إخفاؤها أفضل ، قاله  الحسن ،   وقتادة ،  ويزيد بن أبي حبيب .  وقد حمل أرباب القول الأول الصدقات في الآية على الفريضة ، وحملوا  (وإن تخفوها)  على النافلة ، وهذا قول عجيب . وإنما فضلت صدقة السر  لمعنيين . أحدهما: يرجع إلى المعطي ، وهو بعده عن الرياء ، وقربه من الإخلاص ، والإعراض عما تؤثر النفس من العلانية . والثاني: يرجع إلى المعطى ، وهو دفع الذل عنه بإخفاء الحال ، لأنه في العلانية ينكسر . 
قوله تعالى: ويكفر عنكم من سيئاتكم  قرأ  ابن كثير ،  وأبو عمر ،   وأبو بكر  عن  عاصم   (ونكفر عنك) بالنون والرفع ، والمعنى: ونحن نكفر عنكم ، ويجوز أن يكون مستأنفا . وقرأ  نافع ،   وحمزة ،   والكسائي:   "ونكفر" بالنون وجزم الراء . قال أبو علي:  وهذا على حمل الكلام على موضع قوله: (فهو خير لكم) لأن قوله: (فهو خير لكم) في موضع جزم ، ألا ترى أنه لو قال: وإن تخفوها يكون أعظم لأجركم لجزم ، ومثله لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن   [ المنافقون: 10 ] . حمل قوله . "وأكن" على موضع "فأصدق" . وقرأ  ابن عامر:   "ويكفر" بالياء والرفع ، وكذلك عن حفص  عن  عاصم  على الكناية عن الله عز وجل ، وقرأ أبان  عن  عاصم ،   "وتكفر" بالتاء المرفوعة ، وفتح الفاء مع تسكين الراء . 
قوله تعالى:  (من سيئاتكم)  في "من" قولان . أحدهما: أنها زائدة . والثاني: أنها داخلة للتبعيض . قال  أبو سليمان الدمشقي:  ووجه الحكمة في ذلك أن يكون العباد على خوف ووجل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					