قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) كلهم أثبت الواو في "وسارعوا" إلا نافعا ، وابن عامر ، فإنهما لم يذكراها . وقال أبو علي: وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام ، فمن قرأ بالواو ، عطف "وسارعوا" على "وأطيعوا" ومن حذفها ، فلأن الجملة الثانية ملتبسة بالأولى ، فاستغنت عن العطف . ومعنى الآية: بادروا إلى ما يوجب المغفرة . وفي المراد بموجب المغفرة هاهنا عشرة أقوال .
أحدها: أنه الإخلاص ، قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه .
والثاني: أداء الفرائض ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
والثالث: الإسلام ، قاله ابن عباس .
[ ص: 460 ] . والرابع: التكبيرة الأولى من الصلاة ، قاله أنس بن مالك .
والخامس: الطاعة ، قاله سعيد بن جبير . والسادس: التوبة ، قاله عكرمة .
والسابع: الهجرة ، قاله أبو العالية . والثامن: الجهاد ، قاله الضحاك .
والتاسع: الصلوات الخمس ، قاله يمان . والعاشر: الأعمال الصالحة ، قاله مقاتل .
قوله تعالى: (وجنة عرضها السماوات والأرض) قال ابن قتيبة: أراد بالعرض السعة ، ولم يرد العرض الذي يخالف الطول ، والعرب تقول: بلاد عريضة ، أي: واسعة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمنهزمين يوم أحد: "لقد ذهبتم فيها عريضة" .
قال الشاعر:
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل
قال وأصل هذا من العرض الذي هو خلاف الطول ، وإذا عرض الشيء اتسع ، وإذا لم يعرض ضاق ودق . وقال سعيد بن جبير : لو ألصق بعضهن إلى بعض كانت الجنة في عرضهن .


