الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 141 ] وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين

                                                                                                                                                                                                                                      وليمحص الله الذين آمنوا أي : لينقيهم ويخلصهم من الذنوب ومن آفات النفوس . وأيضا فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين ، فتميزوا منهم . فحصل لهم تمحيصان : تمحيص من نفوسهم ، وتمحيص ممن كان يظهر أنه منهم وهو عدو . ثم ذكر حكمة أخرى وهي محق الكافرين بقوله : ويمحق الكافرين أي : يهلكهم ، فإنهم إذا ظفروا بغوا وبطروا . فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ، إذ جرت سنة الله تعالى ، إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم ، قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم . ومن أعظمها - بعد كفرهم - بغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسليط عليهم . والمحق : ذهاب الشيء بالكلية حتى لا يرى منه شيء ، وقد محق الله الذين حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ، وأصروا على الكفر جميعا ، ثم أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم يدخلون الجنة بدون الجهاد في سبيله والصبر على أذى أعدائه ، وأن هذا ممتنع بحيث ينكر على من ظنه وحسبه : فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 984 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية