الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 142 ] أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين

                                                                                                                                                                                                                                      أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين أي : ولما يقع ذلك منكم فيعلمه ، فإنه لو وقع لعلمه فجازاكم عليه بالجنة . فيكون الجزاء على الواقع المعلوم ، لا على مجرد العلم ، فإن الله لا يجزي العبد على مجرد علمه فيه دون أن يقع معلومه - أفاده ابن القيم - .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي ( الكشاف ) : ولما يعلم الله بمعنى : ولما تجاهدوا لأن العلم متعلق بالمعلوم ، فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقه ، لأنه منتف بانتفائه ، يقول الرجل : ما علم الله في فلان خيرا ، يريد ما فيه خير حتى يعلمه ، و ( لما ) بمعنى ( لم )، إلا أن فيها ضربا من التوقع ، فدل على نفي الجهاد فيما مضى ، وعلى توقعه فيما يستقبل ، وتقول : وعدني أن يفعل كذا ولما . تريد : ولما يفعل ، وأنا أتوقع فعله .

                                                                                                                                                                                                                                      لطيفة :

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو مسلم في : أم حسبتم إنه نهي وقع بحرف الاستفهام الذي يأتي للتبكيت ، وتلخيصه : لا تحسبوا أن تدخلوا الجنة ولم يقع منكم الجهاد ، وهو كقوله : الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون وافتتح الكلام بذكر ( أم ) التي هي أكثر ما تأتي في كلامهم واقعة بين ضربين ، يشك في أحدهما لا بعينه . يقولون : أزيدا ضربت أم عمرا ؟ مع تيقن وقوع الضرب بأحدهما . قال : وعادة العرب يأتون بهذا الجنس من الاستفهام توكيدا ، فلما قال : ولا تهنوا ولا تحزنوا كأنه قال : أفتعلمون أن ذلك كما تؤمرون به ، أم تحسبون أن تدخلوا الجنة من غير مجاهدة وصبر ! . وإنما استبعد هذا لأن الله تعالى أوجب الجهاد قبل هذه الواقعة ، وأوجب الصبر على تحمل متاعبها ، وبين وجوه المصالح فيها في الدين [ ص: 985 ] وفي الدنيا ، فلما كان كذلك ، فمن البعيد أن يصل الإنسان إلى السعادة والجنة مع إهمال هذه الطاعة - انتهى - .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم وبخهم على هزيمتهم من أمر كانوا يتمنونه ويودون لقاءه فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية