[ ص: 420 ] وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه فصل : فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=5425_18616أوقع العقود المحرمة ثم تاب قال الله تعالى في الربا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=288&ayano=2وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون } . وقد بسط الكلام على هذا في موضعه .
وقد قال تعالى لما ذكر الخلع والطلاق فقال في الخلع : {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } - إلى قوله - {
nindex.php?page=tafseer&surano=240&ayano=2وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } .
nindex.php?page=treesubj&link=11750_11752_11753فالطلاق المحرم : كالطلاق في الحيض وفي طهر قد أصابها فيه . حرام بالنص والإجماع وكالطلاق الثلاث عند الجمهور وهو تعد لحدود الله وفاعله ظالم لنفسه كما ذكر الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
والظالم لنفسه إذا تاب تاب الله عليه ; لقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=607&ayano=4ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } فهو إذا استغفره غفر له ورحمه وحينئذ يكون من المتقين . فيدخل في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65ومن يتق الله يجعل له مخرجا nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65ويرزقه من حيث لا يحتسب } . والذين ألزمهم
عمر ومن وافقه بالطلاق المحرم كانوا عالمين بالتحريم وقد نهوا عنه فلم ينتهوا فلم يكونوا من المتقين فهم ظالمون لتعديهم الحدود مستحقون للعقوبة . ولذلك قال
ابن عباس لبعض المستفتين : إن عمك لم يتق الله فلم يجعل له فرجا ولا مخرجا .
ولو اتقى الله
[ ص: 422 ] لجعل له فرجا ومخرجا . وهذا إنما يقال لمن علم أن ذلك محرم وفعله . فأما من [ لا ] يعلم بالتحريم فإنه لا يستحق العقوبة ولا يكون متعديا فإنه إذا عرف أن ذلك محرم تاب من عوده إليه والتزم ألا يفعله .
والذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل ثلاثتهم واحدة في حياته كانوا يتوبون وكذلك من
nindex.php?page=treesubj&link=11750طلق في الحيض كما طلق
ابن عمر فكانوا يتوبون فيصيرون متقين ومن لم يتب فهو الظالم لنفسه كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4672&ayano=49بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } .
فحصر الظلم فيمن لم يتب فمن تاب فليس بظالم فلا يجعل متعديا لحدود الله بل وجود قوله كعدمه ومن لم يتب فهو محل اجتهاد .
فعمر عاقبهم بالإلزام ولم يكن هناك تحليل فكانوا لاعتقادهم أن النساء يحرمن عليهم لا يقعون في الطلاق المحرم فانكفوا بذلك عن تعدي حدود الله . فإذا صاروا يوقعون الطلاق المحرم ثم يردون النساء بالتحليل المحرم : صاروا يفعلون المحرم مرتين ويتعدون حدود الله مرتين ; بل ثلاثا ; بل أربعا ; لأن طلاق الأول كان تعديا لحدود الله وذلك نكاح المحلل لها ووطؤه لها قد صار بذلك ملعونا هو
[ ص: 423 ] والزوج الأول . فقد تعديا حد الله هذا مرة أخرى وذاك مرة . والمرأة ووليها لما علموا بذلك وفعلوه كانوا متعدين لحدود الله فلم يحصل بالالتزام في هذه الحال انكفاف عن تعدي حدود الله ; بل زاد التعدي لحدود الله فترك التزامهم بذلك - وإن كانوا ظالمين غير تائبين - خير من إلزامهم به . فذلك الزنا يعود إلى تعدي حدود الله مرة بعد مرة .
وإذا قيل : فالذي استفتى
ابن عباس ونحوه لو قيل له : تب . لتاب ولهذا كان
ابن عباس يفتي أحيانا بترك اللزوم كما نقل عنه
عكرمة وغيره .
وعمر ما كان يجعل الخلية والبرية إلا واحدة رجعية . ولما قال .
قال
عمر : {
nindex.php?page=tafseer&surano=563&ayano=4ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا } . وإذا كان الإلزام عاما ظاهرا كان تخصيص البعض بالإعانة نقضا لذلك ولم يوثق بتوبته . فالمراتب أربعة . أما إذا كانوا يتقون الله ويتوبون فلا ريب أن ترك الإلزام - كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر - خير .
وإن كانوا لا ينتهون إلا بإلزام فينتهون حينئذ ولا يوقعون المحرم
[ ص: 424 ] ولا يحتاجون إلى تحليل . فهذا هو الدرجة الثانية التي فعلها فيهم
عمر .
والثالثة : أن يحتاجوا إلى التحليل المحرم فهنا ترك الإلزام خير .
والرابعة : أنهم لا ينتهون بل يوقعون المحرم ويلزمون به بلا تحليل . فهنا ليس في إلزامهم به فائدة إلا آصار وأغلال لم توجب لهم تقوى الله وحفظ حدوده ; بل حرمت عليه نساؤهم وخربت ديارهم فقط . والشارع لم يشرع ما يوجب حرمة النساء وتخريب الديار ; بل ترك إلزامهم بذلك أقل فسادا وإن كانوا أذنبوا فهم مذنبون على التقديرين ; لكن تخريب الديار أكثر فسادا والله لا يحب الفساد .
وأما ترك الإلزام فليس فيه إلا أنه أذنب ذنبا بقوله ولم يتب منه . وهذا أقل فسادا من الفساد الذي قصد الشارع دفعه ومنعه بكل طريق .
[ ص: 420 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَصْلٌ : فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=5425_18616أَوْقَعَ الْعُقُودَ الْمُحَرَّمَةَ ثُمَّ تَابَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الرِّبَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=288&ayano=2وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ } . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعِهِ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ فَقَالَ فِي الْخُلْعِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=238&ayano=2وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } - إلَى قَوْلِهِ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=240&ayano=2وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } .
nindex.php?page=treesubj&link=11750_11752_11753فَالطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ : كَالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ قَدْ أَصَابَهَا فِيهِ . حَرَامٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَكَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ وَفَاعِلُهُ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } .
وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ إذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ; لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=607&ayano=4وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } فَهُوَ إذَا اسْتَغْفَرَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمُتَّقِينَ . فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5284&ayano=65وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا nindex.php?page=tafseer&surano=5285&ayano=65وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } . وَاَلَّذِينَ أَلْزَمَهُمْ
عُمَرُ وَمَنْ وَافَقَهُ بِالطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ كَانُوا عَالِمِينَ بِالتَّحْرِيمِ وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ فَلَمْ يَنْتَهُوا فَلَمْ يَكُونُوا مِنْ الْمُتَّقِينَ فَهُمْ ظَالِمُونَ لِتَعَدِّيهِمْ الْحُدُودَ مُسْتَحِقُّونَ لِلْعُقُوبَةِ . وَلِذَلِكَ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ لِبَعْضِ الْمُسْتَفْتِينَ : إنَّ عَمَّك لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فَرَجًا وَلَا مَخْرَجًا .
وَلَوْ اتَّقَى اللَّهَ
[ ص: 422 ] لَجَعَلَ لَهُ فَرَجًا وَمُخْرَجًا . وَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَفَعَلَهُ . فَأَمَّا مَنْ [ لَا ] يَعْلَمُ بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ تَابَ مِنْ عَوْدِهِ إلَيْهِ وَالْتَزَمَ أَلَّا يَفْعَلَهُ .
وَاَلَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْعَلُ ثَلَاثَتَهُمْ وَاحِدَةً فِي حَيَاتِهِ كَانُوا يَتُوبُونَ وَكَذَلِكَ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11750طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ كَمَا طَلَّقَ
ابْنُ عُمَرَ فَكَانُوا يَتُوبُونَ فَيَصِيرُونَ مُتَّقِينَ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَهُوَ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4672&ayano=49بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } .
فَحَصَرَ الظُّلْمَ فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ فَمَنْ تَابَ فَلَيْسَ بِظَالِمِ فَلَا يُجْعَلُ مُتَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ بَلْ وُجُودُ قَوْلِهِ كَعَدَمِهِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَهُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ .
فَعُمَرُ عَاقَبَهُمْ بِالْإِلْزَامِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَحْلِيلٌ فَكَانُوا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ النِّسَاءَ يَحْرُمْنَ عَلَيْهِمْ لَا يَقَعُونَ فِي الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ فَانْكَفُّوا بِذَلِكَ عَنْ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ . فَإِذَا صَارُوا يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ الْمُحَرَّمَ ثُمَّ يَرُدُّونَ النِّسَاءَ بِالتَّحْلِيلِ الْمُحَرَّمِ : صَارُوا يَفْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ مَرَّتَيْنِ وَيَتَعَدَّوْنَ حُدُودَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ ; بَلْ ثَلَاثًا ; بَلْ أَرْبَعًا ; لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَوَّلِ كَانَ تَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ وَذَلِكَ نِكَاحُ الْمُحَلَّلِ لَهَا وَوَطْؤُهُ لَهَا قَدْ صَارَ بِذَلِكَ مَلْعُونًا هُوَ
[ ص: 423 ] وَالزَّوْجُ الْأَوَّلُ . فَقَدْ تَعَدَّيَا حَدَّ اللَّهِ هَذَا مَرَّةً أُخْرَى وَذَاكَ مَرَّةً . وَالْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا لَمَّا عَلِمُوا بِذَلِكَ وَفَعَلُوهُ كَانُوا مُتَعَدِّينَ لِحُدُودِ اللَّهِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالِالْتِزَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ انْكِفَافٌ عَنْ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ ; بَلْ زَادَ التَّعَدِّي لِحُدُودِ اللَّهِ فَتَرَكَ الْتِزَامَهُمْ بِذَلِكَ - وَإِنْ كَانُوا ظَالِمِينَ غَيْرَ تَائِبِينَ - خَيْرٌ مِنْ إلْزَامِهِمْ بِهِ . فَذَلِكَ الزِّنَا يَعُودُ إلَى تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ .
وَإِذَا قِيلَ : فَاَلَّذِي اسْتَفْتَى
ابْنَ عَبَّاسٍ وَنَحْوَهُ لَوْ قِيلَ لَهُ : تُبْ . لَتَابَ وَلِهَذَا كَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي أَحْيَانًا بِتَرْكِ اللُّزُومِ كَمَا نَقَلَ عَنْهُ
عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ .
وَعُمَرُ مَا كَانَ يَجْعَلُ الْخَلِيَّةَ وَالْبَرِيَّةَ إلَّا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً . وَلَمَّا قَالَ .
قَالَ
عُمَرُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=563&ayano=4وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } . وَإِذَا كَانَ الْإِلْزَامُ عَامًّا ظَاهِرًا كَانَ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ بِالْإِعَانَةِ نَقْضًا لِذَلِكَ وَلَمْ يُوثَقْ بِتَوْبَتِهِ . فَالْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ . أَمَّا إذَا كَانُوا يَتَّقُونَ اللَّهَ وَيَتُوبُونَ فَلَا رَيْبَ أَنَّ تَرْكَ الْإِلْزَامِ - كَمَا كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبِي بَكْرٍ - خَيْرٌ .
وَإِنْ كَانُوا لَا يَنْتَهُونَ إلَّا بِإِلْزَامٍ فَيَنْتَهُونَ حِينَئِذٍ وَلَا يُوقِعُونَ الْمُحَرَّمَ
[ ص: 424 ] وَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى تَحْلِيلٍ . فَهَذَا هُوَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي فَعَلَهَا فِيهِمْ
عُمَرُ .
وَالثَّالِثَةُ : أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى التَّحْلِيلِ الْمُحَرَّمِ فَهُنَا تَرْكُ الْإِلْزَامِ خَيْرٌ .
وَالرَّابِعَةُ : أَنَّهُمْ لَا يَنْتَهُونَ بَلْ يُوقِعُونَ الْمُحَرَّمَ وَيُلْزِمُونَ بِهِ بِلَا تَحْلِيلٍ . فَهُنَا لَيْسَ فِي إلْزَامِهِمْ بِهِ فَائِدَةٌ إلَّا آصَارٌ وَأَغْلَالٌ لَمْ تُوجِبْ لَهُمْ تَقْوَى اللَّهِ وَحِفْظَ حُدُودِهِ ; بَلْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ نِسَاؤُهُمْ وَخَرِبَتْ دِيَارُهُمْ فَقَطْ . وَالشَّارِعُ لَمْ يُشَرِّعْ مَا يُوجِبُ حُرْمَةَ النِّسَاءِ وَتَخْرِيبَ الدِّيَارِ ; بَلْ تَرَكَ إلْزَامَهُمْ بِذَلِكَ أَقَلَّ فَسَادًا وَإِنْ كَانُوا أَذْنَبُوا فَهُمْ مُذْنِبُونَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ ; لَكِنَّ تَخْرِيبَ الدِّيَارِ أَكْثَرُ فَسَادًا وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ .
وَأَمَّا تَرْكُ الْإِلْزَامِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ أَذْنَبَ ذَنْبًا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ . وَهَذَا أَقَلُّ فَسَادًا مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي قَصَدَ الشَّارِعُ دَفْعَهُ وَمَنْعَهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ .