[ ص: 68 ] وقال
شيخ الإسلام رحمه الله إذا حلف الرجل يمينا من الأيمان . فالأيمان " ثلاثة أقسام " " أحدها " ما ليس من أيمان المسلمين وهو
nindex.php?page=treesubj&link=16377الحلف بالمخلوقات . كالكعبة والملائكة والمشايخ والملوك والآباء ; وتربتهم ونحو ذلك : فهذه يمين غير منعقدة ولا كفارة فيها باتفاق العلماء ; بل هي منهي عنها باتفاق أهل العلم والنهي نهي تحريم في أصح قوليهم . ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600949من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت } وقال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600950إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم } وفي السنن عنه أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36247من حلف بغير الله فقد أشرك } . " والثاني "
nindex.php?page=treesubj&link=16359اليمين بالله تعالى كقوله : والله لأفعلن . فهذه يمين منعقدة فيها الكفارة إذا حنث فيها باتفاق المسلمين . وأيمان المسلمين التي هي في معنى الحلف بالله مقصود الحالف بها تعظيم الخالق - لا الحلف بالمخلوقات - كالحلف بالنذر والحرام والطلاق والعتاق كقوله : إن فعلت كذا فعلي صيام شهر أو الحج إلى بيت الله . أو الحل علي حرام لا أفعل كذا . أو إن فعلت كذا فكل ما أملكه حرام . أو الطلاق يلزمني لأفعلن كذا . أو لا أفعله . أو إن
[ ص: 69 ] فعلته فنسائي طوالق وعبيدي أحرار وكل ما أملكه صدقة . ونحو ذلك فهذه الأيمان للعلماء فيها ثلاثة أقوال . قيل إذا حنث لزمه ما علقه وحلف به . وقيل لا يلزمه شيء . وقيل : يلزمه كفارة يمين . ومنهم من قال : الحلف بالنذر يجزيه فيه الكفارة
nindex.php?page=treesubj&link=16412_16428والحلف بالطلاق والعتاق يلزمه ما حلف به .
وأظهر الأقوال وهو القول الموافق للأقوال الثابتة عن
الصحابة وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار : أنه يجزئه كفارة يمين في جميع أيمان المسلمين كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=763&ayano=5ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5997من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه } فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=26004قال : الحل علي حرام لا أفعل كذا . أو الطلاق يلزمني لا أفعل كذا . أو إن فعلت كذا فعلي الحج . أو مالي صدقة : أجزأه في ذلك كفارة يمين فإن كفر كفارة الظهار فهو أحسن .
nindex.php?page=treesubj&link=16544_16553_16564وكفارة اليمين يخير فيها بين العتق أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم وإذا أطعمهم أطعم كل واحد جراية من الجرايات المعروفة في بلده : مثل أن يطعم ثمان أواق أو تسع أواق بالشامي ويطعم مع ذلك إدامها ; كما جرت عادة
أهل الشام في إعطاء الجرايات خبزا وإداما . وإذا كفر يمينه لم يقع به الطلاق .
[ ص: 70 ] وأما إذا قصد إيقاع الطلاق على الوجه الشرعي : مثل أن
nindex.php?page=treesubj&link=11762ينجز الطلاق فيطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه : فهذا يقع به الطلاق باتفاق العلماء وكذلك إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11763علق الطلاق بصفة يقصد إيقاع الطلاق عندها : مثل أن يكون مريدا للطلاق إذا فعلت أمرا من الأمور . فيقول لها : إن فعلته فأنت طالق . قصده أن يطلقها إذا فعلته : فهذا مطلق يقع به الطلاق عند
السلف وجماهير الخلف ; بخلاف من قصده أن ينهاها ويزجرها باليمين ; ولو فعلت ذلك الذي يكرهه لم يجز أن يطلقها ; بل هو مريد لها وإن فعلته ; لكنه قصد اليمين لمنعها عن الفعل ; لا مريدا أن يقع الطلاق وإن فعلته : فهذا حلف لا يقع به الطلاق في أظهر قولي العلماء من
السلف والخلف ; بل يجزئه كفارة يمين كما تقدم .
[ ص: 68 ] وَقَالَ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ يَمِينًا مِنْ الْأَيْمَانِ . فَالْأَيْمَانُ " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ " " أَحَدُهَا " مَا لَيْسَ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=16377الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ . كَالْكَعْبَةِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمُلُوكِ وَالْآبَاءِ ; وَتُرْبَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ : فَهَذِهِ يَمِينٌ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ; بَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّهْيِ نَهْيَ تَحْرِيمٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ . فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600949مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ } وَقَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=600950إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ } وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36247مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ } . " وَالثَّانِي "
nindex.php?page=treesubj&link=16359الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ . فَهَذِهِ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ مَقْصُودُ الْحَالِفِ بِهَا تَعْظِيمَ الْخَالِقِ - لَا الْحَلِفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ - كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالْحَرَامِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صِيَامُ شَهْرٍ أَوْ الْحَجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ . أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا . أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ . أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا . أَوْ لَا أَفْعَلُهُ . أَوْ إنْ
[ ص: 69 ] فَعَلْته فَنِسَائِي طَوَالِقُ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ . وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْأَيْمَانُ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . قِيلَ إذَا حَنِثَ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ وَحَلَفَ بِهِ . وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ . وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ يَجْزِيه فِيهِ الْكَفَّارَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=16412_16428وَالْحِلْفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ .
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُوَافِقُ لِلْأَقْوَالِ الثَّابِتَةِ عَنْ
الصَّحَابَةِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ : أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=763&ayano=5ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5997مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26004قَالَ : الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا . أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا . أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ : أَجْزَأَهُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَإِنْ كَفَّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَهُوَ أَحْسَنُ .
nindex.php?page=treesubj&link=16544_16553_16564وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ أَوْ إطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ وَإِذَا أَطْعَمَهُمْ أَطْعَمَ كُلَّ وَاحِدٍ جِرَايَةً مِنْ الْجِرَايَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي بَلَدِهِ : مِثْلَ أَنْ يُطْعِمَ ثَمَانِ أَوَاقٍ أَوْ تِسْعَ أَوَاقٍ بِالشَّامِيِّ وَيُطْعِمُ مَعَ ذَلِكَ إدَامَهَا ; كَمَا جَرَتْ عَادَةُ
أَهْلِ الشَّامِ فِي إعْطَاءِ الْجِرَايَاتِ خُبْزًا وَإِدَامًا . وَإِذَا كَفَّرَ يَمِينَهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ .
[ ص: 70 ] وَأَمَّا إذَا قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ : مِثْلَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11762يُنَجِّزَ الطَّلَاقَ فَيُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ : فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11763عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ يَقْصِدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عِنْدَهَا : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلطَّلَاقِ إذَا فَعَلَتْ أَمْرًا مِنْ الْأُمُورِ . فَيَقُولُ لَهَا : إنْ فَعَلْته فَأَنْتِ طَالِقٌ . قَصْدُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا فَعَلَتْهُ : فَهَذَا مُطَلِّقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ
السَّلَفِ وَجَمَاهِيرِ الْخَلَفِ ; بِخِلَافِ مَنْ قَصْدُهُ أَنْ يَنْهَاهَا وَيَزْجُرَهَا بِالْيَمِينِ ; وَلَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ الَّذِي يَكْرَهُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَلِّقَهَا ; بَلْ هُوَ مُرِيدٌ لَهَا وَإِنْ فَعَلَتْهُ ; لَكِنَّهُ قَصَدَ الْيَمِينَ لِمَنْعِهَا عَنْ الْفِعْلِ ; لَا مُرِيدًا أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ فَعَلَتْهُ : فَهَذَا حَلِفٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ مَنْ
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ; بَلْ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا تَقَدَّمَ .