[ ص: 175 ] كتاب الحدود قال شيخ الإسلام قدس الله روحه فصل
nindex.php?page=treesubj&link=9132خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابا مطلقا كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=712&ayano=5والسارق والسارقة فاقطعوا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2817&ayano=24الزانية والزاني فاجلدوا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرا عليه والعاجزون لا يجب عليهم وقد علم أن هذا فرض على الكفاية وهو مثل الجهاد ; بل هو نوع من الجهاد . فقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=225&ayano=2كتب عليكم القتال } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=199&ayano=2وقاتلوا في سبيل الله } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1283&ayano=9إلا تنفروا يعذبكم } ونحو ذلك هو فرض على الكفاية من القادرين و " القدرة " هي السلطان ; فلهذا : وجب
nindex.php?page=treesubj&link=25367إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه . والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوابه فإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك
[ ص: 176 ] فكان لها عدة أئمة : لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق ; ولهذا قال العلماء إن أهل البغي ينفذ من أحكامهم ما ينفذ من أحكام أهل العدل ; وكذلك لو شاركوا الإمارة وصاروا أحزابا لوجب على كل حزب فعل ذلك في أهل طاعتهم فهذا عند تفرق الأمراء وتعددهم وكذلك لو لم يتفرقوا ; لكن طاعتهم للأمير الكبير ليست طاعة تامة ; فإن ذلك أيضا إذا أسقط عنه إلزامهم بذلك لم يسقط عنهم القيام بذلك ; بل عليهم أن يقيموا ذلك ; وكذلك لو فرض
nindex.php?page=treesubj&link=25367عجز بعض الأمراء عن إقامة الحدود والحقوق أو إضاعته لذلك : لكان ذلك الفرض على القادر عليه . وقول من قال : لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه . إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل . كما يقول الفقهاء : الأمر إلى الحاكم إنما هو العادل القادر فإذا كان مضيعا لأموال اليتامى ; أو عاجزا عنها : لم يجب تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه وكذلك الأمير إذا كان مضيعا للحدود أو عاجزا عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه .
والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه . فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها فإنها من " باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منه . والله أعلم .
[ ص: 175 ] كِتَابُ الْحُدُودِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=9132خَاطَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحُدُودِ وَالْحُقُوقِ خِطَابًا مُطْلَقًا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=712&ayano=5وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2817&ayano=24الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ } وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2819&ayano=24وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا } لَكِنْ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْفِعْلِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَالْعَاجِزُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَهُوَ مِثْلُ الْجِهَادِ ; بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ . فَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=225&ayano=2كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=199&ayano=2وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1283&ayano=9إلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ } وَنَحْوَ ذَلِكَ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مِنْ الْقَادِرِينَ و " الْقُدْرَةُ " هِيَ السُّلْطَانُ ; فَلِهَذَا : وَجَبَ
nindex.php?page=treesubj&link=25367إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى ذِي السُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ . وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ إمَامٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقُونَ نُوَّابُهُ فَإِذَا فُرِضَ أَنَّ الْأُمَّةَ خَرَجَتْ عَنْ ذَلِكَ لِمَعْصِيَةِ مِنْ بَعْضِهَا وَعَجْزٍ مِنْ الْبَاقِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
[ ص: 176 ] فَكَانَ لَهَا عِدَّةُ أَئِمَّةٍ : لَكَانَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ إمَامٍ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ وَيَسْتَوْفِيَ الْحُقُوقَ ; وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ إنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ يُنَفَّذُ مِنْ أَحْكَامِهِمْ مَا يُنَفَّذُ مِنْ أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ ; وَكَذَلِكَ لَوْ شَارَكُوا الْإِمَارَةَ وَصَارُوا أَحْزَابًا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ حِزْبٍ فِعْلَ ذَلِكَ فِي أَهْلِ طَاعَتِهِمْ فَهَذَا عِنْدَ تَفَرُّقِ الْأُمَرَاءِ وَتَعَدُّدِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَفَرَّقُوا ; لَكِنْ طَاعَتُهُمْ لِلْأَمِيرِ الْكَبِيرِ لَيْسَتْ طَاعَةً تَامَّةً ; فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا أُسْقِطَ عَنْهُ إلْزَامُهُمْ بِذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ الْقِيَامُ بِذَلِكَ ; بَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوا ذَلِكَ ; وَكَذَلِكَ لَوْ فُرِضَ
nindex.php?page=treesubj&link=25367عَجْزُ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْحُقُوقِ أَوْ إضَاعَتِهِ لِذَلِكَ : لَكَانَ ذَلِكَ الْفَرْضُ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ إلَّا السُّلْطَانُ وَنُوَّابُهُ . إذَا كَانُوا قَادِرِينَ فَاعِلِينَ بِالْعَدْلِ . كَمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ : الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ الْعَادِلُ الْقَادِرُ فَإِذَا كَانَ مُضَيِّعًا لِأَمْوَالِ الْيَتَامَى ; أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا : لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ حِفْظِهَا بِدُونِهِ وَكَذَلِكَ الْأَمِيرُ إذَا كَانَ مُضَيِّعًا لِلْحُدُودِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا لَمْ يَجِبْ تَفْوِيضُهَا إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ إقَامَتِهَا بِدُونِهِ .
وَالْأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ تُقَامُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ . فَمَتَى أَمْكَنَ إقَامَتُهَا مِنْ أَمِيرٍ لَمْ يُحْتَجْ إلَى اثْنَيْنِ وَمَتَى لَمْ يَقُمْ إلَّا بِعَدَدِ وَمِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ أُقِيمَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا فَسَادٌ يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ " بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ " فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ وُلَاةِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّعِيَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا لَمْ يُدْفَعْ فَسَادٌ بِأَفْسَدَ مِنْهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .