[ ص: 370 ]  - 26 - 
تراجم لبعض مشاهير المفسرين 
"  ابن عباس    " : 
نسبه وحياته : هو  عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي  ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمه  أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية  ، ولد وبنو هاشم  بالشعب قبل الهجرة بثلاث -وقيل بخمس- والأول أثبت . 
وقد حج  عبد الله بن عباس  سنة قتل  عثمان  بأمر منه ، وكان على الميسرة يوم صفين ، وولاه علي البصرة  ، فلم يزل  ابن عباس  عليها حتى قتل علي فاستخلف على البصرة  عبد الله بن الحارث  ومضى إلى الحجاز ، وتوفي بالطائف سنة خمس وستين -وقيل سبع ، وقيل ثمان- وهو الصحيح في قول الجمهور ، قال الواقدي   : لا خلاف عند أئمتنا أنه ولد بالشعب حين حصرت قريش  بني هاشم  ، وأنه كان له عند موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة سنة . 
منزلته وعلمه :  وابن عباس  ترجمان القرآن ، وحبر الأمة ، ورئيس المفسرين ، فقد أخرج  البيهقي  في الدلائل عن  ابن مسعود  قال : " نعم ترجمان القرآن  ابن عباس   " وأخرج  أبو نعيم  عن  مجاهد  قال : " كان  ابن عباس  يسمى البحر لكثرة علمه " ، وأخرج ابن سعد  بسند صحيح عن  يحيى بن سعيد الأنصاري   : " لما مات  زيد بن ثابت  قال  أبو هريرة   : مات حبر هذه الأمة ، ولعل الله أن يجعل في  ابن عباس  خلفا " . 
وقد أحرز  ابن عباس  منزلته بين كبار الصحابة على صغر سنه بعلمه وفهمه تحقيقا لدعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففي الصحيح عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضمه إليه وقال :  " اللهم علمه الحكمة "  . وفي معجم  البغوي  وغيره عن  عمر  أنه كان يقرب  ابن عباس  ويقول : " إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاك فمسح رأسك ، وتفل في فيك " وقال : " اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل "  . وأخرج  البخاري  من طريق  سعيد  [ ص: 371 ] ابن جبير  عن  ابن عباس  قال : كان  عمر  يدخلني مع أشياخ بدر  ، فكأن بعضهم وجد في نفسه ، فقال : لم يدخل هذا معنا وإن لنا أبناء مثله ؟ فقال  عمر   : إنه من علمتم . فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم ، فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم ، فقال : ما تقولون في قول الله تعالى : إذا جاء نصر الله والفتح  ؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا ، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا ، فقال لي : أكذلك تقول يا  ابن عباس  ؟ فقلت : لا ، فقال : ما تقول ؟ فقلت : هو أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه له ، قال : إذا جاء نصر الله والفتح  فذلك علامة أجلك ، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا  ، فقال  عمر   : لا أعلم منها إلا ما تقول "  . 
تفسيره : وقد ورد عن  ابن عباس  في التفسير ما لا يحصى كثرة ، وجمع ما نقل عنه في تفسير مختصر ممزوج يسمى " تفسير  ابن عباس   " وفيه روايات وطرق مختلفة ، ولكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي  عنه ، واعتمد على هذه  البخاري  في صحيحه ، ومن جيد الطرق طريق  قيس بن مسلم الكوفي  عن  عطاء بن السائب   . 
وفي التفاسير الطوال التي أسندوها إلى  ابن عباس  مجاهيل ، وأوهى طرقه طريق  الكلبي  عن  أبي صالح  ،  والكلبي  هو  أبو النصر محمد بن السائب  المتوفى سنة 146هـ ، فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير  المتوفى سنة 186هـ فهي سلسلة الكذب ، وكذلك طريق  مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي  ، إلا أن  الكلبي  يفضل عليه لما في  مقاتل  من المذاهب الرديئة . . 
وطريق  الضحاك بن مزاحم الكوفي  عن  ابن عباس  منقطعة ، فإنه لم يلق  ابن عباس  ، وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة  فضعيفة لضعف بشر  ، وإن كان من رواية جويبر  عن  الضحاك  فأشد ضعفا ; لأن جويبرا  شديد الضعف متروك . 
وطريق  العوفي  عن  ابن عباس  أخرج منها  ابن جرير   وابن أبي حاتم  كثيرا  والعوفي  ضعيف ليس بواه ، وربما حسن له  الترمذي   . 
 [ ص: 372 ] وبهذا يستطيع القارئ أن ينقب عن الطرق ويعرف منها الجيد المقبول من الضعيف أو المتروك ، فليس كل ما روي عن  ابن عباس  بالصحيح الثابت . وقد ذكرنا مزيدا من التفصيل عن ذلك عند الكلام عن تفسيره . "
				
						
						
