( الثالث ) من الفروض ( غسل يديه ) للآية والإجماع ( مع مرفقيه ) بكسر الميم وفتح الفاء أفصح من عكسه أو قدرهما من فاقدهما كما في العباب لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه توضأ فغسل وجهه وأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى شرع في العضد ثم اليسرى كذلك إلى آخره ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ } ولقوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } فإن إلى بمعنى مع إن قلنا إن اليد إلى الكوع فقط إذ لم يقل أحد بغسل الكوعين والمرفقين دون ما بينهما ، أو على حقيقتها ، واستفيد دخول المرافق من فعله صلى الله عليه وسلم [ ص: 172 ] والإجماع ومن كون الغاية فيها للإسقاط بناء على ما يأتي لإفادتها مد الحكم إليها أو إسقاط ما وراءها ، وضابطه أن اللفظ إن تناول محلها لولا ذكرها أفادت الثاني وإلا أفادت الأول ، فالليل في الصوم منه بخلاف اليد هنا فإنها من الثاني لصدقها على العضو إلى الكتف لغة ، فكان ذكر الغاية إسقاطا لما وراء المرافق فدخل المرفق .
ويدفع ما نقض به الضابط من نحو قراءة القرآن إلى سورة كذا بمنع خروج السورة عن المقروء إلا بقرينة ، ويجوز جعل اليد التي هي حقيقة إلى المنكب أو الكوع مجازا إلى المرفق مع جعل إلى غاية للغسل داخلة في المغيا بقرينتي الإجماع والاحتياط للعبادة ، وكذا يقال في أرجلكم إلى الكعبين ( فإن قطع بعضه ) أي بعض ما يجب غسله ( وجب ) غسل ( ما بقي ) لخبر { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور ( أو ) قطع ( من مرفقه ) بأن سل عظم ذراعه وبقي العظمان المسميان برأس العضد ( فرأس ) أي فيجب غسل رأس ( عظم العضد على المشهور ) لكونه [ ص: 173 ] من المرفق تفريعا على أنه اسم لمجموع العظمين والإبرة وهو الأصح ، والثاني فرعه على أنه طرف عظم الساعد فقط ووجوب غسل رأس العضد بالتبعية ( أو فوقه ) أي قطع من فوق مرفقه ( ندب ) غسل ( باقي عضده ) كما لو كان سليم اليد لئلا يخلو العضو عن طهارة ، ويجب غسل ما على اليدين من شعر وإن كثف وأظفار وإن طالت كيد أو سلعة نبتت في محل الفرض ، وباطن ثقب أو شق فيه لأنه صار ظاهرا .
نعم إن كان لهما غور في اللحم لم يجب إلا غسل ما ظهر منهما ، وكذا يقال في بقية الأعضاء ، ولو انكشطت جلدة الساعد فبلغ تكشطها العضد ثم تدلت منه لم يجب غسل شيء منها لتدليها من غير محل الفرض بخلاف عكسه ، وغسل ما حاذاهما من يد زائدة نبتت فوق محل الفرض وتدلت ولم تشتبه بالأصلية لنحو ضعف بطش أو فقد أصبع لحصول ذلك القدر في محل الفرض مع وقوع الاسم عليها ، وخرج نحو سلعة وشعر تدلى من عضده وجلدة منكشطة منه حيث لم يبلغ التكشط محل الفرض ، فلا يجب غسل المحاذي منها ولا غيره لعدم وقوع الاسم عليها ، ولو جاوز تكشطها مرفقه وتدلت على ساعده وجب غسل المتدلي مطلقا ما لم يلتصق به ، وإلا غسل ظاهرها بدلا عما استتر منه ، ولهذا لو زالت بعد أن غسلها وجب غسل ما ظهر ، بخلاف ما لو حلق لحيته الكثة لأن الاقتصار على غسل ظاهر الملتصقة كان للضرورة وقد زالت ، ولا كذلك اللحية لتمكنه من غسل باطنها ، ولو انكشطت من ساعده والتصق رأسها بعضده مع تجافي باقيها وجب غسل محاذي محل الفرض منها ظاهرا وباطنا دون ما فوقه لأنه على غير محل الفرض ، فلا نظر لأصله بناء على أن العبرة بما إليه التكشط لا بما منه ذلك .
ويؤخذ من تعبيرهم بالمحاذاة [ ص: 174 ] أن الزائدة لو نبتت بعد قطع الأصلية لم يجب غسل شيء منها لانتفاء المحاذاة حينئذ ، ويحتمل خلافه بناء على شمول المحاذاة لما كان فعلا أو قوة وهو أقرب ، ولو طالت الزائدة فجاوزت أصابعها أصابع الأصلية اتجه وجرب غسل الزائد على الأصلية ويحتمل عدمه


