الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم شرع في المستحاضة الثانية وهي المبتدأة غير المميزة ، فقال ( أو ) كانت المجاوز دمها أكثر الحيض ( مبتدأة لا مميزة بأن رأته بصفة ) واحدة ( أو ) رأته بصفات مختلفة لكن ( فقدت شرط تمييز ) من الشروط المتقدمة ويحتمل أن قوله فقدت معطوف على لا مميزة لا على رأت ، فاندفع ما قيل إنه يقتضي أن فاقدة شرط تمييز تسمى غير مميزة ، وليس كذلك بل تسمى مميزة غير معتد بتمييزها ، على أن قولهم الآتي وحيث إلخ يقتضي أنها تسمى غير مميزة والخلاف في التسمية مع كون الحكم صحيحا ، ثم إن لم تعرف وقت ابتداء الدم فكمتحيرة وسيأتي حكمها وإن [ ص: 343 ] عرفته ( فالأظهر أن حيضها يوم وليلة ) لأن سقوط الصلاة عنها في هذا القدر متيقن وفيما سواه مشكوك فيه ، فلا يترك اليقين إلا بمثله أو أمارة ظاهرة من تمييز أو عادة ، لكنها في الدور الأول تمهل حتى يعبر الدم أكثره فتغتسل وتقضي عبادة ما زاد على اليوم والليلة ، وفي الدور الثاني تغتسل بمجرد مضي يوم وليلة على الأظهر إن استمر فقد التمييز ( وطهرها تسع وعشرون ) لأنها تتمة الدور .

                                                                                                                            والقول الثاني أنها ترد إلى غالب عادة النساء وهو ست أو سبع ، وأما خبر خمسة المتقدم فذاك لأنها كانت معتادة على الأصح ، ومعناه ستة إن اعتدتها أو سبعة كذلك ، وباقي الشهر طهر فهو للتنويع لا للتخيير ، ويحتمل أنها شكت في عادتها فقال لها ستة إن لم تذكري عادتك وسبعة إن ذكرتها ، ويحتمل أن عادتها كانت مختلفة فقال : ستة في شهر الستة وسبعة في شهر السبعة ، ونص على أن طهرها ذلك لدفع توهم أنه أقل الطهر أو غالبه ، وأنه يلزمها أن تحتاط فيما سوى أقل الحيض إلى أكثره كما قيل بكل منهما ، وإنما لم يقل وطهرها بقية الشهر لأن الشهر قد يكون ناقصا فنص على المراد ، وقوله وطهرها تسع وعشرون يحتمل عود الأظهر إليه أيضا : أي الأظهر أن حيضها الأقل لا الغالب ، والأظهر أيضا أن طهرها تسع وعشرون ، وحينئذ فيقرأ وطهرها بالنصب ، ويحتمل كونه مفرعا على القول الأول فيقرأ بالرفع .

                                                                                                                            قال المنكت : والأقرب إلى عبارة المحرر الأول .

                                                                                                                            قال الإسنوي : كلام المحرر والكتاب ظاهر في عود الخلاف إليهما ، ثم محل ما تقرر ما لم يطرأ لها دم في أثناء تمييزها ، فإن طرأ كذلك ردت إليه نسخا لما مضى بالتمييز .

                                                                                                                            ولما كانت الليالي مرادة مع الأيام ترك التاء من تسع لأن العرب تغلب التأنيث في اسم العدد إذا أرادت ذلك ومنه قوله تعالى { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } مع أن المعدود إذا حدث كما هنا جاز حذف التاء .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قولهم الآتي ) ونصه : وحيث أطلقت المميزة فالمراد الجامعة للشروط السابقة ا هـ حج ( قوله : فكمتحيرة ) إنما جعلها كالمتحيرة ولم يعدها منها لما يأتي من أن المتحيرة هي الناسية لعادتها قدرا [ ص: 343 ] ووقتا ، وهذه ليست معتادة لكنها مثلها في الحكم ( قوله : لكنها في الدور الأول ) الدور فيمن لم تختلف عادتها هو المدة التي تشتمل على حيض وطهر كالشهر في المبتدأة وفيمن اختلفت عادتها هو جملة الأشهر المشتملة على العادات المختلفة كثرت الأشهر أو قلت ، ثم إن لم يتكرر ردت إلى النوبة الأخيرة على ما يأتي ، وإن تكرر بأن انتهت إلى حد في الاختلاف ثم جاء الدور الثاني على نوب مختلفة أيضا فرق بين الانتظام وعدمه على ما يأتي ( قوله : إن اعتدتها ) يجوز في مثله مما اتصلت فيه تاء المخاطبة بها الضمير الفصل بينهما بياء للإشباع على لغة قليلة ، والفصيح عدمه كما هنا كذا ذكره الرضي ، ونقله عنه الشنواني في حواشيه على الأجرومية في باب المبتدإ والخبر ، وقضيته أنه لا يجوز الإشباع بالياء في غير ذلك فليراجع ( قوله : فقال لها ستة إن لم تذكري ) أي وعلى هذا لا تحتاط في السابع بل تجعله طهرا محضا ( قوله : ونص ) أي المصنف ( قوله : بكل منهما ) أي أقل الطهر ، وغالبه مع الاحتياط فيما زاد عليهما ( قوله : وإنما لم يقل ) أي المصنف ( قوله : تسع وعشرون ) ومقابله قول بأن طهرها خمسة عشر احتياطا ا هـ ع ( قوله : وطهرها بالنصب ) أي وعليه فمقابل الأظهر يقول دورها ستة عشر لما تقدم قبله عن ع ( قوله : على القول الأول ) أي الأظهر ( قوله : قال المنكت ) أي ابن النقيب ( قوله : ما لم يطرأ لها إلخ ) الأولى ما لم يطرأ في أثناء دمها تمييز لأن فرض المسألة أنها غير مميزة ثم رأيت الخطيب صرح بذلك حيث قال : نعم إن طرأ لها في أثناء الدم تمييز عادت إليه [ ص: 344 ] نسخا لما مضى بالتمييز ا هـ .

                                                                                                                            وحيث عبر بما ذكر فيقال المراد ما لم يطرأ لها دم يصلح للحيض .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فيقرأ بالرفع ) عبارة الشهاب البرلسي ينبغي أن يقرأ بالنصب ; لأنا وإن فرعنا على الأظهر لنا قول بأن طهرها خمسة عشر احتياطا انتهت ، وما ذكره إنما يتم إن كان الخلاف قويا نظرا لاصطلاح المصنف




                                                                                                                            الخدمات العلمية