( والأظهر طهارة غسالة ) [ ص: 261 ] قليلة ( تنفصل بلا تغير وقد طهر المحل ) لأن البلل الباقي على المحل هو بعض المنفصل ، فلو كان المنفصل نجسا لكان المحل مثله فيكون المنفصل طاهرا غير طهور لاستعماله في خبث .
والثاني أنها نجسة لانتقال المنع إليها ، فلو انفصلت متغيرة والنجاسة غير ظاهرة على المحل أو عكسه فالماء والمحل نجسان .
ومثل ذلك لو انفصلت زائدة الوزن بعد اعتبار ما يتشربه المحل من الماء ويلقيه من الوسخ الطاهر .
أما الكثيرة فطاهرة ما لم تتغير وإن لم يطهر المحل أخذا مما مر في الطهارة ، ويطهر بالغسل مصبوغ ومخضوب بمتنجس إن انفصل الصبغ وإن بقي لونه المجرد كطهارة الصبغ المنفرد إذا غمره ماء وارد عليه .
وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى فيمن صبغ رأسه أو ثوبه أو لحيته بنجاسة مغلظة عالما بذلك وغسله بالماء والتراب وعسر إخراج لون الصبغ بطهره إذا انفصل صبغه عنه ولم يزد وزنه بعد غسله على وزنه قبل صبغه وإن بقي لونه لعسر زواله .
ولو صب على موضع نحو بول أو خمر من أرض ماء غمره طهر وإن لم ينضب ، فإن صب على عين نحو البول لم يطهر .
ولو عجن اللبن وخالطه نجاسة جامدة كروث لم يطهر ، وإن طبخ بعد ذلك وإن خالطه غيرها كبول طهر ظاهره بالغسل ، وكذا باطنه بالنقع في الماء ولو مطبوخا إن كان رخوا يصله الماء أو مدقوقا بحيث صار ترابا .
وإنما حكمنا بطهارة ظاهر الآجر بالغسل دون باطنه بخلاف ما مر في السكين حيث تطهر ظاهرا وباطنا بغسلها ، لأن الانتفاع بالآجر متأت من غير ملابسة ، فلا حاجة للحكم بطهارة باطنه من غير إيصال الماء إليه بخلاف السكين ، ولا يؤمر بسحقها لما فيه من تفويت ماليتها أو نقصها ، ولو فعل ذلك جاز أن [ ص: 262 ] تكون النجاسة داخل الأجزاء الصغار ، ولو تنجس زئبق طهر بغسلة ، ظاهره إن لم يتخلل بين تنجسه وغسله تقطع ، وإن تقطع بينهما فلا ، وعلى هاتين الحالتين يحمل كلام من قال بعدم إمكان تطهيره ومن قال بإمكانه ، ويستحب أن يغسل محل النجاسة بعد طهرها غسلتين لتكمل الثلاث ولو مخففة في الأوجه .
أما المغلظة فلا كما قاله الجيلوي في بحر الفتاوى في نشر الحاوي ، وبه جزم التقي ابن قاضي شهبة في نكت التنبيه ، لأن المكبر لا يكبر كالمصغر لا يصغر ، ومعنى أن المكبر لا يكبر أن الشارع بالغ في تكبيره فلا يراد عليه ، كما أن الشيء إذا صغر مرة لا يصغر أخرى ، وهذا نظير قولهم الشيء إذا انتهى نهايته في التغليظ لا يقبل التغليظ كالأيمان في القسامة وكقتل العمد وشبهه لا تغلظ فيه الدية وإن غلظت في الخطأ وهذا أقرب إلى القواعد ، ويقرب منه قولهم في الجزية : إن الجبران لا يضعف ، ولا يشترط في إزالة النجاسة نية وتجب إزالتها فورا إن عصى بها وإلا فلنحو صلاة .
نعم يسن المبادرة بإزالتها حيث لم تجب .
وأما العاصي بجنابته فلا يجب عليه المبادرة بالغسل كما بحثه الإسنوي ، لأن المتنجس متلبس بما عصى به بخلاف الجنب ، ولو أصاب شيء من غسلات الكلب شيئا فحكمه حكم المحل المنتقل عنه ، فإن كان بعد تتريبه غسله قدر ما بقي عليه من السبع ولم يترتب وإلا فعدد ما بقي مع التتريب .
أما المتطاير من أرض ترابية فقد تقدم الكلام عليه .
والمراد بغسالة النجاسة ما استعمل في واجب الإزالة .
أما المستعمل في مندوبها فطهور ، وما غسل به نجاسة معفو عنها كقليل دم غير طهور كما قاله ابن النقيب ، ويتعين في نحو الدم إذا أريد غسله بالصب عليه في نحو جفنة والماء قليل بإزالة عينه وإلا تنجس الماء بما بعد استقراره معها فيها ، ومال جمع متأخرون إلى [ ص: 263 ]
المسامحة مع زيادة الوزن ، لأن عند عدم الزيادة النجاسة في الماء والمحل أو أحدهما ، ولكن أسقط الشارع اعتباره فلم يفترق الحال بين الزيادة وعدمها .
ويرد بأنها حيث لم توجد فالماء قهر النجاسة وأعدمها فكأنها لم توجد ولا كذلك مع وجودها .
وأفتى بعضهم في مصحف تنجس بغير معفو عنه بوجوب غسله وإن أدى إلى تلفه ولو كان ليتيم ويتعين فرضه على ما فيه فيما إذا مست النجاسة شيئا من القرآن ، بخلاف ما إذا كانت في نحو الجلد أو الحواشي .


