( فإذا ) ( تيمم ) من غسل الصحيح وتيمم عن الجريح وأدى فريضة ( لفرض ثان ) وثالث وهكذا ( ولم يحدث ) ولم يطرأ على تيممه مبطل له ( لم يعد الجنب ) ونحوه ( غسلا ) لما غسله ولا مسحا لما مسحه ، إذ التيمم طهارة مستقلة في الجملة فلا يلزم بارتفاع حكمها انتقاض طهارة أخرى ، كما لو اغتسل الجنب ثم أحدث يلزمه الوضوء ولا ينتقض غسله وإن كان أعضاء الوضوء بعض المغسول في الجنابة لأن الوضوء عبادة مستقلة في الجملة ( ويعيد المحدث ) غسل ( ما بعد عليله ) مراعاة للترتيب ، فإذا كانت الجراحة في اليد تيمم وأعاد مسح الرأس ثم غسل الرجلين ، لأن حكم الحادث عاد إلى العضو في حق الفريضة دون النوافل فيحتاج إلى إعادة ما بعده ( وقيل يستأنفان ) فيعيد المحدث الوضوء والجنب الغسل ( وقيل المحدث كجنب ) فلا يعيد شيئا على الصحيح ( قلت : هذا الثالث أصح ، والله أعلم ) وهو قول الأكثرين ، ونقل الإمام الاتفاق عليه لأنه إنما يحتاج إلى إعادة ما بعد عليله أن لو بطلت طهارة العليل وطهارة العليل باقية بدليل جواز التنفل .
وإذا قلنا بالصحيح وهو إعادة التيمم فقط وكان متعددا فهل يعيده كذلك أو يعيد تيمما فقط ؟ الأوجه كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى أنه يتيمم تيمما واحدا ، والقائل بتعدده بناء على طريقة الرافعي لأجل الترتيب ، وخرج بقوله ولم يحدث ما إذا أحدث فإنه يعيد جميع ما مر ، ولو رفع الجبيرة عن موضع الكسر فوجده قد اندمل أعاد كل صلاة صلاها بعد الاندمال بالمسح عليها ، ولو سقطت جبيرته في الصلاة بطلت صلاته سواء أكان بريء أم لا كانقلاع الخف ، بخلاف ما لو رفع الساتر لتوهم البرء فبان خلافه فإنه لا يبطل تيممه ، ولعل صورة رفع الساتر أنه ظهر من الصحيح ما لا يجب غسله عكس صورة سقوط الجبيرة ، إذ لا يمكن بقاؤها مع وجوب غسل ما ظهر وكذا ما بعده في الحدث الأصغر ، [ ص: 289 ] أو ما إذا تردد في بطلان تيممه وطال التردد أو مضى معه ركن وبما تقرر علم أن ملحظ بطلان الصلاة غير ملحظ بطلان التيمم واندفع قول بعضهم : لا أثر لظهور شيء من الصحيح في بطلان التيمم لأنه عن العليل ووجه اندفاعه أنا لم نجعل هذا الظهور سببا لبطلان التيمم بل لبطلان الصلاة وملحظهما مختلف كما تقرر ، وإذا تحقق البرء وهو على طهارة كان كوجدان المتيمم الماء في تفصيله الآتي ولو كانت لصوقا تنزع وتغير كل يوم أو أيام فحكمها كالجبيرة الواحدة كما أفتى به السبكي ، وفيه نظر ظاهر بل الأوجه خلافه .
ولو كانت الجبيرة على عضوين فرفع إحداهما لم يلزمه رفع الأخرى ، بخلاف ماسح الخف لو نزع أحد خفيه لزمه نزع الآخر لأن الشرط في الابتداء أن يلبسهما جميعا وهنا لا يشترط في الابتداء أن يضع الجبيرة عليهما ، ولو أجنب صاحب الجبيرة اغتسل وتيمم ولا يجب عليه نزعها ، بخلاف الخف ، ويفرق بينهما بأن في إيجاب النزع هنا مشقة .


