ثم شرع في بيان ما يباح له بنيته فقال ( فإن ) ( نوى فرضا ونفلا ) أي استباحتهما ( أبيحا ) له عملا بما نواه ولا يشترط تعيينه الفرض كما يفيده تنكيره له كما لا يشترط في الوضوء تعيين الحدث الذي ينوي رفعه ، فلو عين فرضا ولو منذورا وصلى به غيره فرضا أو نفلا في الوقت أو غيره أو صلى به الفرض المنوي في غير وقته جاز ، ولو عين فرضا وأخطأ في تعيينه كمن نوى فائتة ولا شيء عليه أو ظهرا وإنما عليه عصر لم يصح تيممه ، إذ نية الاستباحة واجبة في التيمم وإن لم يجب التعيين ، فإذا عين وأخطأ لم يصح ، وكذا من شك أو ظن هل عليه فائتة فتيمم لها ثم ذكرها لأن وقت الفائتة بالتذكر ، ولو نوى بتيممه استباحة فرضين صح واستباح واحدا كما يستفاد عدم اشتراط توحيده من تنكيره الفرض ، ولو نوى أن يصلي بالتيمم فرض الظهر خمس ركعات أو ثلاثا .
قال البغوي في فتاويه : لم يصح لأن أداء الظهر خمس ركعات [ ص: 299 ] غير مباح ، وكذلك لو نوى أن يصلي عريانا مع وجود الثياب ( أو ) نوى ( فرضا ) ( فله النفل على المذهب ) لأن النوافل تابعة ، فإذا استباح المتبوع استباح التابع كما إذا أعتق الأم يعتق الحمل .
والثاني لا لأنه لم ينوها .
والثالث له ذلك بعد الفرض لا قبله لأن التابع لا يقدم والتيمم للجنازة كنية النفل لأنه يسقط بفعل الغير ( أو نفلا أو الصلاة تنفل ) أي فعل النفل ( لا الفرض على المذهب ) فيهما .
أما الأولى فلكون الفرض أصلا والنفل تابعا فلا [ ص: 300 ] يكون المتبوع تابعا .
والثاني يستبيح الفرض قياسا على الوضوء ، وأما الثانية فبالقياس على ما لو تحرم بالصلاة فإن صلاته تنعقد نفلا ، وكون المنفرد المحلى بأل للعموم إنما يفيد فيما مداره على الألفاظ ، والنيات ليست كذلك ، على أن بناءها على الاحتياط يمنع العمل فيها بمثل ذلك لو فرض أن للألفاظ فيها دخلا فاندفع ما للأسنوي وغيره هنا ، والثاني يستبيح الفرض أيضا لأن الصلاة اسم جنس يتناول النوعين فيستبيحهما كما لو نواهما ، ومتى استباح النفل استباح ما في معناه من نحو مس مصحف وسجدة تلاوة أو شكر وقراءة نحو جنب ومكثه في المسجد وحل وطء وصلاة جنازة وإن تعينت ، فإن تيمم لمس مصحف ولو عند خوف عليه من كافر أو غرق أو حرق أو نجاسة أو لسجدة تلاوة أو شكر أو من انقطع حيضها لحل وطء ولو لحليل أو تيمم جنب لاعتكاف أو قراءة قرآن ولو كانت فرضا عينيا كتعلم الفاتحة لم يستبح به فرضا ولا نفلا .
نعم يظهر أن الجميع في مرتبة واحدة كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى حتى لو تيمم لواحد منها جاز له فعل البقية ، وقول الشارح : وسجود التلاوة والشكر ومس المصحف وحمله لأن النفل آكد منها لا يقتضي شموله للجنازة ، وأن النفل حينئذ آكد منها لفصله بين هذا وبين ما قبله بقوله كما سيأتي .


