باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس . 
وترجمه بالحيض لأن أحكامه أغلب وهو مصدر حاضت حيضا ومحيضا ومحاضا  ،  وهو لغة : السيلان  ،  يقال حاض الوادي إذا سال  ،  وحاضت  [ ص: 323 ] الشجرة إذا سال صمغها . 
قال في الشرح الصغير : ويقال : إن الحوض منه لحيض الماء : أي سيلانه  ،  والعرب  تدخل الواو على الياء وبالعكس لأنهما من حيز واحد وهو الهواء ا هـ . 
وشرعا : دم جبلة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة في أوقات مخصوصة   . 
وله عشرة أسماء : حيض  ،  وطمث بالمثلثة  ،  وضحك  ،  وإعصار  ،  وإكبار  ،  ودراس  ،  وعراك بالعين المهملة  ،  وفراك بالفاء  ،  وطمس بالسين المهملة  ،  ونفاس . 
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم  لعائشة  كما في الصحيحين " أنفست " . 
قال في المجموع : ولا كراهة في تسميته بشيء منها  ،  والاستحاضة دم علة يخرج من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى العاذل بالذال المعجمة  ،  وحكى  ابن سيده  إهمالها  والجوهري  مع إعجامها بدل اللام راء . 
والنفاس : الدم الخارج بعد فراغ الرحم من الحمل ،  فخرج بذلك دم الطلق  ،  والخارج مع الولد فليس بحيض لكونه من آثار الولادة  ،  ولا نفاس لتقدمه على خروج الولد بل هو دم فساد إلا أن يتصل بحيضها المتقدم فإنه يكون حيضا . 
قال  الجاحظ    : والذي يحيض من الحيوان أربعة : الآدميات  ،   [ ص: 324 ] والأرنب  ،  والضبع  ،  والخفاش . 
وزاد عليه غيره أربعة أخرى  ،  وهي : الناقة  ،  والكلبة  ،  والوزغة  ،  والحجر : أي الأنثى من الخيل  ،  والأصل في الحيض آية { ويسألونك عن المحيض    } أي الحيض { قل هو أذى    } وخبر الصحيحين عن  عائشة  قالت : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيض هذا شيء كتبه الله على بنات آدم    } ثم الكلام في الحيض يستدعي معرفة حكمه وسنه وقدره وقدر الطهر  ،  وقد شرع في بيانها مبتدئا بمعرفةسنه فقال ( أقل سنه تسع سنين ) ولو بالبلاد الباردة للوجود  ،  لأن ما ورد في الشرع ولا ضابط له شرعي ولا لغوي يتبع فيه الوجود كالقبض والحرز والإحياء وخيار المجلس . 
قال  إمامنا  رضي الله عنها : أعجل من سمعت من النساء يحضن نساء تهامة  يحضن لتسع سنين : أي قمرية لقوله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس    }  [ ص: 325 ] والمعتبر في التسع التقريب لا التحديد كلبن الرضاع فيغتفر نقص زمن دون أقل حيض وطهر فيكون الدم المرئي فيه حيضا  ،  بخلاف المرئي في زمن يسعهما ولا حد لآخره كما قاله الماوردي  ،  بل هو ممكن ما دامت المرأة حية خلافا للمحاملي  حيث ذهب إلى أن آخره ستون سنة  ،  ولا ينافيه تحديد سن اليأس باثنين وستين سنة لأنه باعتبار الغالب حتى لا يعتبر النقص عنه كما يأتي ثم  ،  وإمكان إنزالها كإمكان حيضها  ،  بخلاف إمكان إنزال الصبي لا بد فيه من تمام التاسعة  ،  والفرق حرارة طبع النساء كذا قيل  ،  والأقرب عدم الفرق . 
نعم سيأتي في باب الحجر أن التسع في المني تحديد لا تقريب  ،  والتسع في كلامه ليست ظرفا بل خبرا  ،  فما قيل من أن قائل ذلك جعلها كلها ظرفا للحيض ولا قائل به ليس بشيء  ،  ولو رأت الدم أياما بعضها قبل زمن إمكانه وبعضها فيه جعل المرئي في زمن الإمكان حيضا إن توفرت شروطه الآتية . 
     	
		
				
						
						
