الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت ما أحرز المشركون إلى بلادهم من عروض أهل الإسلام ثم غنمه المسلمون فصار في سهمان رجل ، أيكون هذا الرجل أولى به بالثمن أم لا في قول مالك ؟ وكيف بما أحرزوا من أموال أهل الذمة ، أهم وأهل الإسلام في ذلك كله سواء ؟ وكيف إن أحرزوا إحرازا من أهل الذمة فأسلموا على الدار وأهل الذمة في أيديهم أيكونون رقيقا لهم أم يردون إلى ذمتهم ولا يكونون رقيقا كلهم في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في الذمي إذا سباه أهل الحرب ثم غنمه المسلمون : إنه لا يكون فيئا ، فأرى إن هم أسلموا على الدار وفي أيديهم ناس من أهل الذمة أسارى ، أنهم يكونون رقيقا ولا لهم أن يردوا إلى ذمتهم ، وإنما أهل ذمتنا كعبيدنا إذا هم أسلموا عليها . قال : وأما ما ذكرت لك من أموال أهل الذمة فهم في ذلك وأهل الإسلام سواء إن أدركوا أموالهم قبل أن تقسم كانوا أولى بها بغير شيء ، وإن أدركوها بعد القسمة أخذوها بالثمن ، قلت : فإن عرف أهل الإسلام أنها أموال أهل الذمة ، لم يقسموها في الغنيمة ويردونها إليهم إذا عرفوهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وهذا قول مالك ، قال : وأما ما ذكرت من أموال أهل الإسلام ، فقد أخبرتك بما قال فيه مالك إنه قال : إن أدركه قبل القسم أخذه بغير ثمن ، وإن أدركه بعدما قسم كان أولى به بالثمن ، فإن عرف أنه مال لأهل الإسلام رده إلى أهله ولم يقسموه إن عرفوا أهله ، وإن لم يعرفوا أهله فليقسموه وأموال أهل الذمة مثله . ابن وهب ، عن مسلم بن عدي عن زيد بن واقد عن مكحول ، أنه قال في رجل من أهل الذمة أصابه العدو ، وماله أحرزوه ثم أصابه المسلمون بعد ذلك : أنه يرد إلى ذمته وأهله وماله . ابن وهب عن مسلمة بن عدي عن زيد بن ثابت عمن حدثه عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الطائي قال : أصاب المسلمون ناقة لرجل من المسلمين اشتراها بعضهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبها : { أنت أحق بها بالثمن } . مسلمة بن عدي عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن عباس قال : وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغانم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن وجدته في المغنم فخذه وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته } .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية