هدي التطوع يعطب قبل محله ما يصنع به 
قلت لابن القاسم    : أرأيت هدي التطوع إذا عطب  كيف يصنع به صاحبه في قول  مالك  ؟ 
قال : قال  مالك    : يرمي بقلائدها في دمها إذا نحرها ويخلي بين الناس وبينها ولا يأمر أحدا أن يأكل منها لا فقيرا ولا غنيا ، فإن أكل أو أمر أحدا من الناس يأكلها أو يأخذ شيئا من لحمها كان عليه البدل ، قلت لابن القاسم    : فما يصنع بخطمها وبجلالها ؟ 
قال : يرمي به عندها ويصير سبيل الجلال والخطم سبيل لحمها ، قلت : أتحفظه عن  مالك  ؟ قال : نعم . قلت : فإن كان ربها ليس معها ولكنه بعثها مع رجل فعطبت أيأكل منها في قول  مالك  هذا الذي بعثت معه كما يأكل الناس ؟ 
قال : سبيل هذا المبعوثة معه سبيل صاحبها ، ألا يأكل منها كما تأكل الناس ، إلا أنه هو الذي ينحرها أو يأمر بنحرها ويفعل بها كما يفعل بها ربها أن لو كان معها وإن أكل لم أر عليه ضمانا ، قال ابن القاسم    : ولا يأمر ربها هذا المبعوثة معه هذه الهدية إن هي عطبت أن يأكل منها ، فإن فعل فهو ضامن . 
قال ابن القاسم    : ألا ترى أن صاحب الهدي حين جاء إلى النبي عليه السلام فقال : يا رسول الله ما أصنع بما عطب منها ؟ فقال : { انحرها وألق قلائدها في دمها وخل بين الناس وبينها   } . قلت لابن القاسم    : أرأيت كل هدي وجب علي في حج أو عمرة أو غير  [ ص: 416 ] ذلك ، أيجوز لي في قول  مالك  أن أبعثه مع غيري ؟ 
قال : نعم . 
قلت لابن القاسم    : أرأيت من أهل بعمرة من الميقات فلما طاف بالبيت وسعى بعض السعي بين الصفا  والمروة  أحرم بالحج  ، أيكون قارنا وتلزمه هذه الحجة في قول  مالك  ؟ 
قال : قال لنا  مالك    : من أحرم بعمرة فله أن يلبي بالحج ويصير قارنا ما لم يطف بالبيت ويسعى بين الصفا  والمروة    . قلت لابن القاسم    : أرأيت إن بدأ بالطواف بالبيت في قول  مالك  ، ولم يسع بين الصفا  والمروة  أو فرغ من الطواف بالبيت وسعى بعض السعي بين الصفا  والمروة  ، ثم أحرم بالحج  أليس يلزمه قبل أن يسعى ؟ 
قال : الذي كان يستحب  مالك  أنه إذا طاف بالبيت لم يجب له أن يردف الحج مع العمرة . 
قال ابن القاسم    : وأنا أرى أن لا يفعل ، فإن فعل قبل أن يفرغ من سعيه رأيت أن يمضي على سعيه ويحل ، ثم يستأنف الحج وإنما ذلك له ما لم يطف بالبيت ويركع فإذا طاف وركع فليس له أن يدخل الحج على العمرة وهو الذي سمعت من قول  مالك    . 
قلت لابن القاسم    : أرأيت إن كان هذا المعتمر قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا  والمروة  في عمرته ، ثم فرض الحج بعد فراغه من السعي بين الصفا  والمروة  ؟ 
قال : قال  مالك    : لا يكون بهذا قارنا ، وأرى أن يؤخر حلاق شعره ولا يطوف بالبيت حتى يرجع من منى  إلا أن يشاء أن يطوف تطوعا ، لا يسعى بين الصفا  والمروة  حتى يرجع من منى  ، قال : وعلى هذا الذي أحرم بالحج بعد ما سعى بين الصفا  والمروة  في عمرته دم لتأخير الحلاق ، لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق ، فلما أخر الحلاق كان عليه الدم ، قلت : فهذا الدم كيف يصنع به في قول  مالك  ؟ 
قال : قال  مالك    : يشعره ويقلده ويقف به بعرفة  مع هدي تمتعه ، فإن لم يقف به بعرفة  لم يجزه إن اشتراه من الحرم إلا أن يخرجه إلى الحل فيسوقه من الحل إلى مكة  فيصير منحره بمكة  ، قلت لابن القاسم    : ولم أمره  مالك  أن يقف بهذا الهدي الذي جعله عليه لتأخير الحلاق بعرفة  ، وهو إن حلق من أذى لم يأمره بأن يقف بهديه ؟ 
قال : قال  مالك    : ليس من وجب عليه الهدي بترك الحلاق ، مثل من وجب عليه النسك من إماطة الأذى لأن الهدي إذا وجب من ترك الحلاق فإنما هو الهدي ، وكل ما هو هدي فسبيله سبيل هدي المتمتع فيه والصيام إن لم يجد ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعد ذلك ، ولا يكون فيه الطعام ، وأما نسك الأذى فهو فيه مخير إن شاء أطعم وإن شاء صام وإن شاء نسك ، والصيام فيه ثلاثة أيام والنسك فيه شاة والطعام فيه ستة مساكين ، مدين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا فرق ما بينهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					