الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4976 25 - حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة وهمام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : رأيته عبدا - يعني : زوج بريرة -

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو الوليد هشام ، وقد مر عن قريب ، وهمام بالتشديد ابن يحيى البصري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود أيضا في الطلاق عن عثمان بن أبي شيبة ، والاحتجاج به على أنه كان عبدا حين أعتقت بريرة غير قوي لأن قوله : رأيته عبدا - يعني : زوج بريرة - لا يدل على أنه كان عبدا حين أعتقت بريرة ; لأن الظاهر أنه يخبر بأنه كان عبدا فلا يتم الاستدلال به ، والتحقيق فيه أن نقول : إن اختلافهم فيه في صفتين لا يجتمعان في حالة واحدة فنجعلهما في حالتين بمعنى أنه كان عبدا في حالة حرا في أخرى ، فبالضرورة تكون إحدى الحالتين متأخرة عن الأخرى ، وقد علم أن الرق تعقبه الحرية ، والحرية لا يعقبها الرق ، وهذا مما لا نزاع فيه ، فإذا كان كذلك جعلنا حال العبودية متقدمة وحال الحرية متأخرة ، فثبت بهذا الطريق أنه كان حرا في الوقت الذي خيرت فيه بريرة وعبدا قبل ذلك ، فيكون قول من قال : كان عبدا محمولا على الحالة المتقدمة ، وقول من قال : كان حرا محمولا على الحالة المتأخرة ، فإذا لا يبقى تعارض ، ويثبت قول من قال : إنه كان حرا فيتعلق الحكم به ، ولئن سلمنا أن جميع الروايات أخبرت بأنه كان عبدا فليس فيه ما يدل على صحة ما يذهب ممن يذهب أن زوج الأمة إذا كان حرا فأعتقت الأمة ليس لها الخيار ; لأنه ليس فيه ما يدل على ذلك لأنه لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنما خيرتها لأن زوجها عبد ، وهذا لا يوجد أصلا في الآثار ، فثبت أنه خيرها لكونها قد أعتقت ، فحينئذ يستوي فيه أن يكون زوجها حرا أو عبدا ، ورد بهذا على صاحب ( التوضيح ) في قوله : " لأن خيارها " إنما وقع من أجل كونه عبدا ، ولو اطلع هذا على ما قلنا من التحقيق لما قال هكذا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية