الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وفي العربية لما قالوا أي : فيما قالوا ، وفي نقض ما قالوا وهذا أولى ; لأن الله تعالى لم يدل على المنكر وعلى قول الزور .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي يستعمل في كلام العرب لفظ عاد له بمعنى عاد فيه أي : نقضه وأبطله ، وقال الزمخشري : ثم يعودون لما قالوا أي : يتداركون ما قالوا لأن المتدارك للأمر عائد إليه أي : تداركه بالإصلاح بأن يكفر عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وفي نقض ما قالوا " بالنون والقاف في رواية الأكثرين ، وفي رواية الأصيلي والكشميهني ، وفي بعض بالباء الموحدة والعين المهملة .

                                                                                                                                                                                  قوله : وهذا أولى أي : معنى يعودون لما قالوا أي : ينقضون ما قالوا أولى مما قالوا : إن معنى العود هو تكرار لفظ الظهار ، وغرض البخاري من هذا الرد على داود الظاهري حيث قال : إن العود هو تكرير كلمة الظهار .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لأن الله لم يدل " تعليل لقوله : وهذا أولى ، وجه الأولوية أنه إذا كان معناه كما زعمه داود لكان الله دالا على المنكر وقول الزور - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وقال الفراء والأخفش : المعنى على التقديم والتأخير أي : والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة وقال ابن بطال : وهو قول حسن ، وقال غيره : يجوز أن يكون ما بتقدير المصدر والتقدير : ثم يعودون للقول ، سمى القول باسم المصدر كما قالوا : نسج اليمن ودرهم ضرب الأمير ، وإنما هو منسوج اليمن ومضروب الأمير ، وقال آخرون : يجوز أن يكون ما بمعنى من كأنه قال : ثم يعودون لمن قالوا فيهن أو لهن : أنتن علينا كظهور أمهاتنا ، وقال ابن المرابط : قالت فرقة : ثم يعودون لما قالوا من الظهار فيقولون بالظهار مرة أخرى ، وهو الذي أنكره البخاري .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : اقتصر البخاري في باب الظهار على ذكر قوله تعالى : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله : فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وعلى ذكر بعض الآثار وقد ورد فيه أحاديث عن ابن عباس وسلمة بن صخر الأنصاري البياضي وخولة بنت ثعلبة وأوس بن الصامت وعائشة رضي الله عنهم ، ولم يذكر منها حديثا .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : ليس فيها حديث على شرطه ، فلذلك لم يذكر منها حديثا غير أنه ذكر في أوائل كتاب التوحيد من حديث عائشة معلقا على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ، أما حديث ابن عباس فأخرجه الأربعة ، وأما حديث سلمة بن صخر ويقال : سليمان بن صخر فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وأما حديث خولة فأخرجه أبو داود ، وأما حديث أوس بن الصامت زوج خولة فأخرجه أبو داود أيضا ، وذكرنا هذا المقدار طلبا للاختصار .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية