الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5274 21 حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الشيباني قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجر الأخضر. قلت: أنشرب في الأبيض؟ قال: لا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه ذكر هذا أيضا هنا مثل ما ذكرنا في الحديث السابق، أخرجه عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد بن زياد البصري، عن سليمان بن أبي سليمان، فيروز الشيباني بفتح الشين المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الباء الموحدة، وبالنون، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهما، واسم أبي أوفى علقمة، له ولأبيه صحبة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه النسائي في الأشربة عن محمود بن غيلان، وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (عن الجر الأخضر) أي: عن نبيذ الجر الأخضر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قلت: أنشرب) القائل عبد الله بن أبي أوفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال: لا) يعني أن حكمه حكم الأخضر. وفي رواية النسائي: قلت: والأبيض؟ قال: لا أدري. وفي رواية: نهى عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض، وقال الكرماني: مفهوم الأخضر يقتضي مخالفة حكم الأبيض له، وأجاب بأن شرط اعتبار المفهوم أن لا يكون الكلام خارجا مخرج الغالب، وكانت عادتهم الانتباذ في الجرار الخضر، فذكر الأخضر لبيان الواقع لا للاحتراز، وقال الخطابي: لم يعلق الحكم في ذلك بخضرة الجر وبياضه، وإنما يعلق بالإسكار، وذلك أن الجرار أوعية منتنة قد يتغير فيها الشراب، ولا يشعر به، فنهوا عن الانتباذ فيها، وأمروا أن ينتبذوا في الأسقية لزفتها، فإذا تغير الشراب فيها يعلم حالها، فيجتنب عنه، وأما ذكر الخضرة فمن أجل أن الجرار التي كانوا ينتبذون فيها كانت خضرا، والأبيض بمثابته فيه، والآنية لا تحرم شيئا ولا تحلله.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر: هذا عندي كلام خرج على جواب سؤال، كأنه قيل: الجر الأخضر، فقال: لا تنتبذوا فيه، فسمعه الراوي فقال: نهى عن الجر الأخضر.

                                                                                                                                                                                  وأخرج الشافعي رحمه الله عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي أوفى: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر.

                                                                                                                                                                                  قلت: حاصل الكلام أن النهي يتعلق بالإسكار لا بالخضرة ولا بغيرها، وقد أخرج ابن أبي شيبة، عن ابن أبي أوفى: أنه كان يشرب نبيذ الجر الأخضر، وأخرج أيضا بسند صحيح، عن ابن مسعود : أنه كان ينتبذ له في الجر الأخضر .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية