1712 1713 1714 ص: وأما كريب فروى عن ابن عباس في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا شريك بن أبي نمر، أن كريبا أخبره، أنه سمع ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: "بت ليلة عند رسول الله - عليه السلام - فلما انصرف من العشاء الآخرة انصرفت معه، فلما دخل البيت ركع ركعتين خفيفتين ركوعهما مثل سجودهما وسجودهما مثل قيامهما، ثم اضطجع مكانه في مصلاه حتى سمعت غطيطه، ثم تعار ثم توضأ فصلى ركعتين كذلك، ثم اضطجع مكانه فرقد حتى سمعت غطيطه، ثم فعل ذلك خمس مرات، فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال - رضي الله عنه - فآذنه بالصبح، فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة".
فقد أخبر في هذا الحديث أنه صلى عشر ركعات ثم أوتر بواحدة، فقد يحتمل أن يكون أوتر بواحدة مع اثنتين قد تقدمتاها فتكونان مع هذه الواحدة ثلاثا ليستوى معنى هذا الحديث ومعنى حديث علي بن عبد الله ، وسعيد بن جبير ، ويحيى بن الجزار .
ثم نظرنا هل روي عنه ما يبين ذلك؟ فإذا إبراهيم بن منقذ العصفري قد حدثنا، قال: ثنا المقرئ ، عن سعيد بن أبي أيوب، قال: ثنا عبد ربه بن سعيد ، عن قيس بن سليمان ، عن كريب مولى ابن عباس - رضي الله عنهما -، أن عبد الله بن عباس حدثه قال: "فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العشاء، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر بثلاث".
[ ص: 75 ] فاتفق هذا الحديث وحديث ابن أبي داود على أن جميع ما صلى إحدى عشرة ركعة، وبين هذا أن الوتر فيها ثلاث.
فثبت بذلك أن معنى حديث ابن أبي داود: "ثم أوتر بواحدة" أي مع الثنتين قد تقدمتاها، هما معها وتر.
وقد حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب، أن عبد الله بن عباس حدثه: "أنه بات عند ميمونة -وهي خالته- فصلى رسول الله - عليه السلام - ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح".
فقد زاد في هذا الحديث ركعتين، ولم يخالفه في الوتر، وكان ما روينا عن ابن عباس -لما جمعت معانيه- يدل على أن النبي - عليه السلام - كان يوتر بثلاث.


