ذكر تعداد عائشة قول الذي ذكرناه من أعظم الفرية . ابن عباس
60 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد ، حدثنا ، حدثنا أبو الربيع ، أخبرني ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، أن عبد ربه بن سعيد حدثه ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر الشعبي ، أنه سمع مسروق بن الأجدع عائشة ، تقول : محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من الوحي ، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم يعلم [ ص: 258 ] ما في غد ، قيل : يا أم المؤمنين ، وما رآه ؟ قالت : لا ، إنما ذلك جبريل رآه مرتين في صورته : مرة ملأ الأفق ، ومرة سادا أفق السماء أعظم الفرية على الله من قال : إن .
[ ص: 259 ] قال : قد يتوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن هذين الخبرين متضادان ، وليسا كذلك ، إذ الله جل وعلا فضل رسوله صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء ، حتى كان أبو حاتم جبريل من ربه أدنى من قاب قوسين ، ومحمد صلى الله عليه وسلم يعلمه جبريل حينئذ ، فرآه صلى الله عليه وسلم بقلبه كما شاء .
وخبر عائشة وتأويلها أنه لا يدركه ، تريد به في النوم ولا في اليقظة .
وقوله : لا تدركه الأبصار فإنما معناه : لا تدركه الأبصار ، يرى في القيامة ولا تدركه الأبصار إذا رأته ، لأن الإدراك هو الإحاطة ، والرؤية هي النظر ، والله يرى ولا يدرك كنهه ، لأن الإدراك يقع على المخلوقين ، والنظر يكون من العبد ربه .
وخبر عائشة أنه لا تدركه الأبصار ، فإنما معناه : لا تدركه الأبصار في الدنيا وفي الآخرة ، إلا من يتفضل عليه من عباده بأن [ ص: 260 ] يجعل أهلا لذلك . واسم الدنيا قد يقع على الأرضين والسماوات وما بينهما ، لأن هذه الأشياء بدايات خلقها الله جل وعلا لتكتسب فيها الطاعات للآخرة التي بعد هذه البداية ، فالنبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في الموضع الذي لا يطلق عليه اسم الدنيا ، لأنه كان منه أدنى من قاب قوسين حتى يكون خبر عائشة ، أنه لم يره صلى الله عليه وسلم في الدنيا من غير أن يكون بين الخبرين تضاد أو تهاتر .