. [ قد يتغير الحكم بتغير الاجتهاد ] . 
وقوله : " ولا يمنعنك قضاء قضيت به اليوم فراجعت فيه رأيك وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق ، فإن الحق قديم ، ولا يبطله شيء ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل " يريد إنك إذا اجتهدت في حكومة ثم وقعت لك مرة أخرى  فلا يمنعك الاجتهاد الأول من إعادته ، فإن الاجتهاد قد يتغير ، ولا يكون الاجتهاد الأول مانعا من العمل بالثاني  إذا ظهر أنه الحق ، فإن الحق أولى بالإيثار لأنه قديم سابق على الباطل ، فإن كان الاجتهاد الأول قد سبق الثاني والثاني هو الحق  فهو أسبق من الاجتهاد الأول لأنه قديم سابق على ما سواه ، ولا يبطله وقوع الاجتهاد الأول على خلافه ، بل الرجوع إليه أولى من التمادي على الاجتهاد الأول . 
قال  عبد الرزاق    : حدثنا  معمر  عن  سماك بن الفضل  عن  وهب بن منبه  عن الحكم بن مسعود الثقفي  قال : قضى  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأخوتها لأبيها وأمها وأخويها لأمها ، فأشرك  عمر  بين الأخوة للأم والأب والإخوة للأم في الثلث ، فقال له رجل : إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا ، قال  عمر    : تلك على ما قضينا  [ ص: 87 ] يومئذ ، وهذه على ما قضينا اليوم ; فأخذ أمير المؤمنين في كلا الاجتهادين بما ظهر له أنه الحق ، ولم يمنعه القضاء الأول من الرجوع إلى الثاني ، ولم ينقض الأول بالثاني ، فجرى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					