المسألة الرابعة: شروط الأكل عند من أجازه: 
ذكر جمهور أهل العلم القائلون بجواز الأكل من مال اليتيم  شروطا لجواز الأكل لم أقف لها على دليل لأكثرها سوى حرمة مال اليتيم، والاحتياط لذلك، وهي كما يلي: 
الشرط الأول: أن يكون الأكل حال الضرورة; لأنه بمنزلة الدم ولحم الخنزير. 
وهو قول  الشعبي.  
ورد هذا الشرط: بأنه لا معنى له; لأنه إذا اضطر هذا الاضطرار كان له أخذ ما يقيمه من مال يتيمه أو غيره من قريب أو بعيد. 
الشرط الثاني: أن يشغله أمر القيام على اليتيم عن الاكتساب. 
وهو مذهب الشافعية،  وبه قال بعض الحنابلة.  
الشرط الثالث: أن يفرضه الحاكم. 
وهو قول بعض الحنابلة.  
ولعله يرد: بأنه مخالف لظاهر القرآن والسنة. 
الشرط الرابع: أن يكون غير الحاكم وأمينه، فالحاكم وأمينه لا يباح لهما الأكل. 
وبه قال الحنابلة.  
وحجته: أنهما يستغنيان بما لهما في بيت المال. 
 [ ص: 339 ] الشرط الخامس: أن يكون ذلك مقابل عمله في مال اليتيم. 
وبه قال الحنفية.  
وحجة هذا القول: 
1- قول  عائشة   - رضي الله عنها- في قوله تعالى: ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف  أنزلت في ولي اليتيم الذي يقيم عليه، ويصلح في ماله إن كان فقيرا أكل منه بالمعروف. 
2- ما ورد أن رجلا جاء إلى  ابن عباس   -رضي الله عنهما- فقال: «إن في حجري أيتاما لهم أموال، وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال: «ألست تهنأ جرباءها؟ قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى، قال: فاشرب من لبنها غير ناهك في الحلب، ولا مضر بنسل». 
ورد هذا الشرط من أوجه: 
الأول: أن الذين أباحوا ذلك له أباحوه حال الفقر، واستحقاق الأجرة مقابل العمل لا يختلف فيه الغني والفقير. 
الثاني: أن الوصي لا يجوز أن يستأجر نفسه من اليتيم. 
الثالث: أن الذين أباحوا ذلك لم يشترطوا شيئا معلوما، والإجارة لا تصح إلا بأجرة معلومة. 
وأجيب عن هذه الأوجه: بأنها بناء على أن ما أبيح لليتيم من أجرة على عمله، وليس كذلك، بل رخصة من الله -عز وجل- للفقير في الأكل إلى أن يستغني. 
 [ ص: 340 ] فالذي يظهر من القرآن والسنة: أن الولي الفقير رخص له أن يأكل من مال اليتيم إذا تولى مال اليتيم، وقام بحفظه، والإنفاق عليه، والله أعلم. 
				
						
						
