الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      الأشهر الحرم المذكورة في هذه الآية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الفرد الذي بين جمادى الآخرة وشعبان؛ وهو رجب مضر، وقيل له: رجب مضر؛ لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان، ويسمونه رجبا، وكانت مضر تحرم رجبا نفسه؛ فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "الذي بين جمادى وشعبان".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلا تظلموا فيهن أنفسكم يعني: في شهور السنة كلها؛ أي: لا تعصوا ربكم، روي ذلك عن ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: يعني: في الأشهر الأربعة الحرم؛ والمعنى: لا تظلموا أنفسكم بالقتال فيها، ثم نسخ ذلك بإباحة القتال في جميع الشهور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ذلك الدين القيم معناه: الحساب الصحيح، والعدد المستوفى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 247 ] ابن عباس: القضاء القيم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر : {النسيء} : التأخير، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر إذا احتاجوا إلى القتال فيه، قاله الزهري، وقتادة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: وكانوا يسمونهما الصفرين.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: كان لهم حساب يحسبونه، فربما قالوا: الحج في هذه السنة في المحرم، وربما قالوا: في غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: كان جنادة بن أمية يوافي الموسم في كل عام، وكان يكنى أبا ثمامة، فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يخاب ولا يعاب، ألا وإن صفرا العام الأول حلال؛ فيحله الناس، فيحرم صفرا عاما، والمحرم عاما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما : قال ابن عباس، والضحاك: هي منسوخة بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة [التوبة: 122]، وكذلك قال الحسن وعكرمة فيها، وفي قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله [التوبة: 120] الآية: إنها منسوخة بقوله: وما كان المؤمنون لينفروا كافة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 248 ] وقيل: هو من باب العموم والخصوص، ولا نسخ فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: انفروا خفافا وثقالا : قال الأوزاعي: ركبانا ومشاة.

                                                                                                                                                                                                                                      الحكم: مشاغيل وغير مشاغيل.

                                                                                                                                                                                                                                      زيد بن أسلم: (المثقل) : الذي له عيال، و (المخف) : الذي لا عيال له.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح: أغنياء وفقراء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس، وقتادة: نشاطا وغير نشاط.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: من له ضيعة، ومن لا ضيعة له.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم: هي منسوخة بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة . [التوبة: 122].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم إلى قوله: {يترددون} : قال عكرمة، والحسن: هذه الآيات منسوخة بقوله تعالى: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم ، وروي ذلك عن ابن عباس، وعنه أيضا: أنها تعبير للمنافقين حين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في القعود عن الجهاد بغير عذر، وعذر الله تعالى المؤمنين، فقال: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية