الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير [الآية؛ أي: استعجالا كاستعجالهم بالخير]، قال مجاهد، وقتادة: هو في دعاء الرجل عند الغضب على أهله وولده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المراد به: قولهم: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال: 32].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 326 ] ومعنى لقضي إليهم أجلهم : لقطع أجلهم، وفرغ منه؛ فأميتوا.

                                                                                                                                                                                                                                      فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون أي: يتحيرون، و (طغيان كل شيء) : ارتفاعه وعلوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما يعني: أنه لا يدعو في هذه الأحوال إلا الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما كشفنا عنه ضره مر أي: مر في العافية على ما كان عليه من المعاصي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وما كانوا ليؤمنوا : أعلم الله تعالى أن هؤلاء الهالكين لو أبقوا لم يؤمنوا؛ لما سبق من علمه فيهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: لننظر كيف تعملون أي: ليقع منكم ما تستحقون به الثواب أو العقاب، ولم يزل يعلمه غيبا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله : قال قتادة: هؤلاء مشركو أهل مكة؛ والمعنى: ائت بقرآن ليس فيه ذكر البعث، أو بدله؛ فاجعل مكان الحلال حراما، ومكان الحرام حلالا، ومكان الوعد وعيدا، ومكان الوعيد وعدا؛ فالإتيان بمثله قد يكون معه، والتبديل إنما يكون برفعه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 327 ] وقوله تعالى: قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به أي: ولا أعلمكم به، عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أي: لم أتل عليكم شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات الآية؛ أي: أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض أن تشفع الآلهة المعبودة من دونه لأحد؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا : قال مجاهد: يعني: كونهم في زمن آدم على دين واحد، ثم اختلفوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن المعنى: أن كل مولود يولد على الفطرة، ثم يختلفون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: يعني: آدم وحده، ثم اختلف هابيل وقابيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: {الناس} ههنا: العرب، وهو عام يراد به الخاص.

                                                                                                                                                                                                                                      ولولا كلمة سبقت من ربك أي: لولا أن الله تعالى جعل لهم أجلا في القضاء؛ لفصل بينهم في وقت اختلافهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء يعني: بـ {الناس} ههنا: الكفار، وقال الحسن: المنافقون.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الرحمة) : الفرح، و (الضراء) : الكرب، و (المكر) : الاستهزاء والتكذيب، [ ص: 328 ] عن مجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                      قل الله أسرع مكرا أي: جزاء على المكر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: حتى إذا كنتم في الفلك يعني: السفن.

                                                                                                                                                                                                                                      وجرين بهم بريح طيبة : خروج من الخطاب إلى الغيبة.

                                                                                                                                                                                                                                      جاءتها ريح عاصف : الضمير للسفينة، أو للريح، و (العاصف) : الشديدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وجاءهم الموج من كل مكان أي: من كل مكان من أمكنة الموج.

                                                                                                                                                                                                                                      وظنوا أنهم أحيط بهم أي: أحاط بهم البلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      دعوا الله مخلصين له الدين أي: دعوه وحده، وتركوا ما كانوا يعبدون، قال بعض المفسرين: المعنى: قالوا: (هيا شراهيا) ؛ أي: يا حي، يا قيوم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا : قال سفيان بن عيينة: أراد: أن البغي متاع الحياة الدنيا؛ أي: عقوبته تعجل لصاحبه في الدنيا؛ كما يقال: (البغي مصرعة) ، وتقدير الآية مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فاختلط به نبات الأرض أي: اختلط النبات بالمطر، وقيل: المعنى: فأخرجت الأرض ألوانا من النبات.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن نافع: أنه وقف: {فاختلط} ؛ أي: فاختلط الماء بالأرض، ثم ابتدأ: به نبات الأرض ؛ أي: بالماء نبات الأرض؛ فـ نبات الأرض على هذا: ابتداء، وعلى مذهب من لم يقف على {فاختلط} : مرفوع بـ(اختلط) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 329 ] وقوله تعالى: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها أي: زينتها.

                                                                                                                                                                                                                                      وظن أهلها أنهم قادرون عليها أي: على الانتفاع بها.

                                                                                                                                                                                                                                      فجعلناها حصيدا يعني: ما على ظهرها، والهاء والألف لـ {الأرض} ، أو لـ(الزينة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: كأن لم تغن بالأمس : قال قتادة: كأن لم تنعم بالأمس، وحقيقته: كأن لم تعمر.

                                                                                                                                                                                                                                      و (المغاني) في اللغة: المنازل التي يعمرها الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: والله يدعو إلى دار السلام : [قال قتادة: الله تعالى: السلام، وداره: الجنة، وقيل: دار السلام ]؛ أي: الدار التي يسلم فيها من الآفات.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية