التفسير:
قوله تعالى: فلا تبتئس أي: لا يلحقك بؤس؛ أي: حزن لأجل ذلك.
واصنع الفلك بأعيننا أي: بحيث نراها، عن قتادة، وغيره.
وقيل: المعنى: بحفظنا إياك.
وقيل: بأعين أوليائنا.
وجاء في الخبر: أن الملائكة كانت تعلمه كيف يصنعه.
وقوله: ولا تخاطبني في الذين ظلموا أي: لا تسألني فيهم.
ابن جريج: لا تراجعني فيهم.
وقوله: وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه يروى: أنهم كانوا يمرون عليه، فيقولون: هذا الذي كان يزعم أنه نبي صار نجارا.
[ ص: 402 ] وقوله: قال إن تسخروا منا الآية: أي: إن تستجهلونا؛ فإنا نستجهلكم كما تستجهلونا.
فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه : تهدد.
حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور أي: ارتفع كما تفور القدر بالغليان.
قال ابن عباس، والحسن: ومجاهد: هو تنور الخبز.
وعن ابن عباس أيضا: أنه وجه الأرض.
وعن الحسن أيضا: هو موضع اجتماع الماء في السفينة، [جعل فوران الماء منه والسفينة على البر علما].
وعن علي رضي الله عنه: المعنى: طلوع الفجر، ذهب إلى أن {التنور} تنوير الصبح، وعنه أيضا قال: فار الماء من موضع مسجد الكوفة.
ابن عباس: فار بالهند.
[قتادة: {التنور} : أعالي الأرض.
وقيل: هو تنور آدم الذي كان يختبز فيه، وكان عند نوح.
[ ص: 403 ] وقيل: هو تمثيل لحضور العذاب؛ كقولهم: "حمي الوطيس"؛ إذا اشتدت الحرب، و (الوطيس) : التنور: ويقال: (فارت قدر القوم) ؛ إذا اشتد حربهم].
وجعل الله فور التنور علامة لركوب نوح عليه السلام ومن كان معه في السفينة.
وقوله: قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين يعني: ذكرا وأنثى.
قتادة: من كل صنفين، وقد تقدم القول في: (الزوج) .
وقوله: إلا من سبق عليه القول يعني: ابنه حام وامرأته، وكانا كافرين، قاله الضحاك، وابن جريج.
ابن جريج: القليل الذي نجا معه سبعة.
ابن عباس: كانوا ثمانين، فيهم ثلاثة بنين له؛ سام، وحام، ويافث، وثلاث كنائن.
قتادة: لم يؤمن معه إلا ثمانية؛ خمسة بنين، وثلاث نسوة.
وقوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها : قيل: المعنى: باسم الله إجراؤها وإرساؤها، وقيل: معنى {مجراها} : وقت جريها، أو وقت إجرائها.
[ ص: 404 ] فيمن ضم الميم، وهو مذكور فيما بعد.
و (إرساء السفينة) : إمساكها بما تثبت به.
وقوله: وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل أي: في معزل عن السفينة.
وقيل: عن دين نوح.
وقيل: إن نوحا لم يعلم أن ابنه كان كافرا؛ ولذلك قال له: ولا تكن مع الكافرين .
وقوله: قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء أي: يمنعني.
قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم : قيل: إن {من} استثناء منقطع.
وقيل: معنى {عاصم} : معصوم؛ مثل: ماء دافق [الطارق: 6]؛ بمعنى: مدفوق؛ فالاستثناء على هذا متصل.
الطبري: المعنى: لا مانع من أمر الله الذي نزل بالخلق من الغرق والهلاك إلا من رحم؛ أي: إلا الله، فـ {من} على هذا رفع، و {عاصم} : فاعل، و {إلا} بمعنى: (غير) .
[ ص: 405 ] وقوله: وحال بينهما الموج يعني: بين نوح وابنه.
وقوله: وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي أي: لا تمطري.
وغيض الماء أي: نقص.
وقضي الأمر أي: بهلاكهم.
وقوله: واستوت على الجودي يعني بــ: {الجودي} : جبلا بالموصل، ودفعت السفينة فيما روي -من عين وردة، لعشر مضين من رجب، ومرت بموضع البيت وقد رفع، فطافت به سبعا، وبلغت اليمن، ثم رجعت إلى الجودي، فأرست عليه يوم عاشوراء.
وروي: أن الجبال تطاولت لئلا تغرق، وتواضع الجودي، فعلا الماء على كل شيء، ولم يغرق الجودي.
وقوله: وقيل بعدا للقوم الظالمين : قيل: هو من قول الله تعالى لهم.
وقيل: من قول نوح عليه السلام والمؤمنين.


