وقوله تعالى: فلما ذهب عن إبراهيم الروع  يعني: الفزع، و (الروع) ؛ بضم الراء: النفس، سميت بذلك؛ لأنها موضع الروع. 
وقوله: وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط   : [الجواب محذوف؛ والمعنى: أخذ يجادلنا في قوم لوط].  
قال حذيفة:  كانت مجادلته الملائكة أن قال لهم: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين؛ أتهلكونهم؟ فقالوا: لا، قال: فإن كان فيهم أربعون؟  [ ص: 425 ] قالوا: لا، حتى بلغ معهم إلى خمسة. 
الحسن: كانت المجادلة قوله: قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته   [العنكبوت: 32]. 
وقيل: جادلهم ليعلم بأي شيء استحقوا العذاب؟ وهل هو نازل بهم أم هو تخويف؟ 
وقوله: ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم  أي: ساءه مجيئهم، والضمير في {بهم} لـ (الرسل) . 
وقوله: وضاق بهم ذرعا  أي: ضاق ذرعه بهم، وهو مشتق من (الذراع) ؛ لأن فيه القوة، فكل من لم يستطع القيام بشيء قيل: (ضاق به ذرعا) ، وإنما ضاق ذرعه بهم؛ لما رآه من جمالهم، وما يعلمه من فسق قومه. 
وقال هذا يوم عصيب  أي: شديد في الشر. 
وجاءه قومه يهرعون إليه  أي: يسرعون، عن  ابن عباس،  وغيره. 
ومن قبل كانوا يعملون السيئات  يعني: إتيان الذكران. 
قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم   : قال  قتادة:  يعني: بنات صلبه؛ والمعنى: تزوجوهن. 
قيل: بعد أن تسلموا، وقيل: كان تزويج الكافر المؤمنة حلالا في شريعتهم. 
 [ ص: 426 ]  مجاهد:  يعني: بــ(بناته) : نساء أمته؛ والمعنى: أيضا: تزوجوهن. 
قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق  أي: ما لنا بهن من حاجة، وقيل: المعنى: ما هن لنا بأزواج. 
وجواب {لو} في قوله: لو أن لي بكم قوة  محذوف؛ والمعنى: لو أن لي بكم قوة؛ لحلت بينكم وبينهم، أو آوي إلى ركن شديد  أي: إلى عشيرة، عن  مجاهد،  فأخبرته الملائكة حينئذ أنهم رسل الله، وقالوا له: فأسر بأهلك بقطع من الليل  و (الإسراء) : سير الليل؛ يقال: (أسرى) و (سرى) . 
و (القطع من الليل) : القطعة منه، وكذلك قال  ابن عباس:  بطائفة من الليل، وقيل: هو نصف الليل. 
وقوله: إلا امرأتك  المعنى: فأسر بأهلك إلا امرأتك. 
ولا يلتفت منكم أحد   : [المعنى: لا يلتفت منكم أحد] إلى ما خلف. 
وقال  مجاهد:  لا ينظر أحد منكم وراءه. 
وقوله: أليس الصبح بقريب   : قيل: إن لوطا  استبطأ هلاكهم،  فقيل له: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب   . 
وقوله تعالى: جعلنا عاليها سافلها  أي: قلبت، حسب ما تقدم ذكره في غير هذا الموضع. 
 [ ص: 427 ] وقوله: وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود   : قال  ابن عباس،  وغيره: حجارة صلبة،  قتادة:  من طين. 
 ابن زيد:  من السماء الدنيا، وهي تسمى (سجيلا) . 
 أبو عبيدة:   (السجيل) : الشديد، فهو ههنا: الشديد من الحجارة. 
وقيل: هو من (أسجلته) ؛ إذا أعطيته العطية، [فكأنه عذاب أعطوه. 
وقيل: المعنى: أرسل عليهم كما ترسل السجل؛ وهي الدلو؛ يقال أسجلته]؛ إذا أرسلته. 
وقيل: هو من السجل الذي هو الكتاب؛ فكأن المعنى: مما كتب عليهم أن يصيبهم. 
وقيل: معنى {سجيل} : سجين؛ فأبدلت اللام من النون، واختلف في {سجين} [المطففين: 7]؛ فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:  "الفلق: جب في جهنم مغطى، وأما سجين؛ فمفتوح"؛  [يعني: أنه جب مفتوح في جهنم]. 
وقال  كعب الأحبار  في {سجين} : إنها الأرض السابعة، تحتها أرواح الكفار، تحت خد إبليس. 
 [ ص: 428 ] وعن كعب  أيضا: إن (سجينا) صخرة سوداء تحت الأرضين السبع، مكتوب فيها اسم كل شيطان، تلقى أنفس الكفار عندها. 
وقال  أبو عبيدة:   (هو فعيل) من (السجن) . 
وقيل: إنها الصخرة التي تحت الأرض السفلى. 
وقد قيل أيضا: إن أصل (سجين) : (سجيل) ، والنون بدل من اللام. 
ومعنى: {منضود} : قد نضد بعضه فوق بعض، قال  الربيع بن أنس:  حتى صار حجرا واحدا. 
 قتادة:   {منضود} : مصفوف في تتابع. 
وقيل: إنها أرسلت منضودة، وقيل: المعنى: أنها في السماء منضودة. 
وقوله: مسومة عند ربك  أي: معلمة، وقيل: مرسلة. 
وفي قوله: عند ربك  دليل على أنها ليست من حجارة الدنيا، قاله  الحسن  وقال كعب:  كانت معلمة ببياض وحمرة. 
وقيل: كان عليها مثل الخواتيم. 
وقوله تعالى: وما هي من الظالمين ببعيد   : قيل: المعنى: ما الحجارة من ظالمي قومك -يا محمد-  ببعيد. 
وقيل: المعنى: ما هذه القرى من الظالمين ببعيد؛ وهي بين الشام  والمدينة،   [ ص: 429 ] وجاء {ببعيد} مذكرا؛ على معنى: بمكان بعيد. 
وقيل: إنها كانت أربع قرى، أهلكت كلها، وقيل: كانت خمسا، أهلكت منها أربع، وبقيت واحدة تسمى  (زعر)  لآل لوط.  
وقوله: وإلى مدين أخاهم شعيبا  أي: وأرسلنا إلى مدين.  
إني أراكم بخير  أي: برخص في أسعاركم، عن  ابن عباس،   والحسن،  وغيرهما. 
وقيل: المعنى: إني أراكم أغنياء في أموالكم. 
وقوله تعالى: بقيت الله خير لكم   : قال  ابن عباس:  أي: رزق الله. 
 مجاهد:  طاعة الله. 
 الحسن:  حظكم من الله تعالى. 
وقيل: المعنى: ما أبقى الله لكم من الحلال بعد توفية الناس حقوقهم. 
وما أنا عليكم بحفيظ  أي: رقيب أرقبكم عند كيلكم ووزنكم. 
وقوله: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك  أي: أدعواتك تأمرك؟ 
وقيل: أمساجدك؟ وقيل: أقراءتك؟ وقيل: إنهم يعنون الصلاة بعينها. 
وقوله: أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء   : قال  ابن زيد:  كانوا يقطعون  [ ص: 430 ] الدنانير والدراهم، ويجورونها بوازنة. 
وقيل: المعنى: إذا تراضينا بالبخس؛ فلم تمنعنا منه؟ 
وقوله: إنك لأنت الحليم الرشيد  يعنون: عند نفسك. 
وقيل: قالوا له ذلك على وجه السخرية. 
وقيل: هو تعريض أرادوا به السب. 
وقيل: المعنى: إنك لأنت الحليم الرشيد؛ فلم تأمرنا بهذا؟ 
وقوله: ورزقني منه رزقا حسنا  أي: حلالا، وقيل: يعني: ما وفق له من الطاعة. 
وجواب الشرط محذوف؛ والمعنى: أرأيتم إن كنت على بينة من ربي؛ أأتبع الضلال؟ 
وقيل: المعنى: إن كنت على بينة من ربي؛ أفلا أنهاكم عن الضلال؟ 
وقيل: المعنى: إن كنت على بينة من ربي؛ أتأمروني بالعصيان؟ 
وقوله: وما أريد أن أخالفكم  أي: لست أنهاكم عن شيء وأركبه. 
وقوله: ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح  أي: لا تحملنكم عدواتي على فعل ما يصيبكم من أجله العذاب، قاله  الحسن:   وقتادة.  
وقد تقدم معنى {يجرمنكم} في (المائدة) [2]. 
وقوله تعالى: وما قوم لوط منكم ببعيد  يعني: أنه أقرب الإهلاك إليهم. 
 [ ص: 431 ] وقوله: وإنا لنراك فينا ضعيفا   : قيل: إنه كان مصابا ببصره، [قاله  ابن جبير،   وقتادة.  
وقيل: كان ضعيف البصر، قاله  الثوري.  
 الحسن:  معناه: مهين]، وقيل: المعنى: ضعيف البدن. 
وقوله: ولولا رهطك لرجمناك   : (رهط الرجل) : عشيرته الذين يستند إليهم، ويتقوى بهم، ومنه: (الراهطاء) لجحر اليربوع؛ لأنه يتوثق به، ويخبأ فيه ولده. 
ومعنى {لرجمناك} : لقتلناك بالرجم، وكان رهطه من أهل ملتهم، وقيل: معنى {لرجمناك} : لشتمناك. 
قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله  أي: أمراعاة رهطي أعز عليكم من مراعاة أمر الله. 
واتخذتموه وراءكم ظهريا  أي: اتخذتم ما جئتكم به من أمر الله ظهريا؛ أي: جعلتموه وراء ظهوركم. 
وأخذت الذين ظلموا الصيحة   : روي: أن جبريل  عليه السلام صاح بهم، فماتوا أجمعين. 
وقوله: ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود  أي: أبعدهم الله من رحمته كما أبعد ثمود.  
				
						
						
