التفسير:
قوله تعالى: ولا تيأسوا من روح الله أي: من رحمة الله.
فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة : قال ابن عباس، وابن جبير: أي: ببضاعة رديئة، لا تجوز إلا بوكس.
وقال مجاهد، والحسن، وغيرهما: قليلة.
الضحاك: كاسدة.
عبد الله بن الحارث: يعنون متاع الأعراب؛ من السمن، والصوف، ونحو ذلك.
أبو صالح: أتوا بالحبة الخضراء، والصنوبر.
[ ص: 536 ] وأصل {مزجاة}: من التزجية؛ وهي الدفع؛ فالمعنى: أنها بضاعة تدفع ولا تؤخذ.
وقوله: فأوف لنا الكيل وتصدق علينا أي: لا تنقصنا من الكيل من أجل رداءة دراهمنا.
وقيل: كانت الصدقة حلالا للأنبياء، وإنما حرمت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: كانت حراما على جميع الأنبياء عليهم السلام، وإنما سألوا المسامحة.
ابن جريج: المعنى: تصدق علينا برد أخينا إلينا.
وقوله: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون أي: جاهلون بعاقبة فعلكم.
وقيل: المعنى: إذ أنتم صغار جهال، فيكون قولهم: وإن كنا لخاطئين على هذا؛ لأنهم كبروا، ولم يخبروا أباهم بما فعلوه؛ حياء وخوفا منه.
وقوله: لا تثريب عليكم اليوم أي: لا تعيير، ولا لوم، قاله الثوري، وغيره، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا زنت أمة أحدكم؛ فليجلدها، ولا يثربها) ؛ [ ص: 537 ] أي: لا يعيرها.
والوقف على لا تثريب عليكم اليوم : هو المستعمل، وأجاز الأخفش الوقف على {عليكم}.
[والمراد بـ {اليوم} ههنا: يجوز أن يكون الحين والزمان، أو يكون أشار إلى الوقت الذي كشف نفسه فيه لهم، أو أشار إلى انقطاع توبيخه عنهم عند اعترافهم بالذنب].
وقوله: اذهبوا بقميصي هذا الآية:
روي: أن القميص كان من الجنة، كساه الله تعالى إبراهيم إذ ألقي في النار.
وقوله: ولما فصلت العير أي: بالقميص من عند يوسف، قال ابن عباس: حملت الريح ريح يوسف إلى يعقوب عليه السلام مسيرة ثمانية أيام، وقال الحسن: مسيرة شهر، ويقال: إنه كان بالجزيرة.
وقوله: لولا أن تفندون : قال ابن عباس: أي: تسفهون.
عطاء، والضحاك: تكذبون.
الحسن، ومجاهد: تهرمون، وذلك كله راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي.
[ ص: 538 ] وقوله: قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم : قد تقدم معناه.
وقيل: إن الذي قال له ذلك من بقي معه من ولده، ولم يكن عندهم الخبر.
وقيل: قال له ذلك من كان معه من أهله وقرابته.
وقوله تعالى: فلما أن جاء البشير : قيل: هو يهوذا.
وقوله: قال سوف أستغفر لكم ربي : قيل: إنه أخر الاستغفار إلى آخر الليل.
وعن ابن عباس: أخره إلى ليلة الجمعة، ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه : يروى: أن يعقوب لما دخل مع أهله إلى مصر؛ سأل يوسف ملك مصر أن يخرج هو والملوك؛ ليلقى يعقوب عليه السلام، ففعلوا، فلقوه وهو يمشي متوكئا على يهوذا، فقال ليوسف: السلام عليك يا مذهب الأحزان عني، فقال له يوسف: يا أبت؛ لم بلغت بنفسك من الحزن ما بلغت؟ أما كانت القيامة تجمعني وتجمعك؟ قال: بلى، ولكني تخوفت أن تبدل دينك؛ فلا نلتقي.
ومعنى آوى إليه أبويه : ضمهما إليه.
قال ابن إسحاق: يعني: أباه وأمه.
[ ص: 539 ] وقال السدي: يعني: أباه وخالته، وكانت أمه ماتت، وتزوج يعقوب أختها.
وقوله: وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين : الاستثناء راجع إلى قوله: قال سوف أستغفر لكم ربي ؛ [والمعنى: سوف أستغفر لكم ربي] إن شاء الله، قاله ابن جريج.
وقيل: المعنى: ادخلوا مصر مقيمين إن شاء الله آمنين.
وقيل: قال لهم ذلك خارجا عن مصر حين خرج يتلقاهم.


