التفسير:
قوله تعالى: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين : أصل (رب) أن تستعمل في القليل، والعرب تستعملها في الكثير في التهدد، وقال: ربما يود [ ص: 628 ] وهي إنما تكون لما وقع؛ لأنه لصدق الوعد كأنه عيان قد كان.
وقيل: إن (ما) إذا دخلت على (رب) غيرتها، فدخلت على المستقبل؛ كما تدخل على المعرفة.
ابن عباس: يدخل الله تعالى المؤمنين في الجنة، حتى يقول في آخر ذلك: من كان مسلما؛ فليدخل الجنة، فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
[وقيل: يقول المشركون للمؤمنين الذين يدخلون النار: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون؟ فيغضب الله تعالى لهم، فيخرجهم، فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين].
وقيل: إنما ذلك عند معاينة الكافر الموت.
وقيل: عند معاينة أهوال يوم القيامة.
وقوله تعالى: ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون أي: لا يتجاوزونه فيزيدون عليه، ولا يتقدمون قبله.
وقوله: لو ما تأتينا بالملائكة : لو ما : تحضيض على الفعل؛ كـ (لولا) و (هلا).
[ ص: 629 ] وقوله: ما ننـزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين أي: لو تنزلت الملائكة بإهلاكهم؛ ما أمهلوا، ولا قبلت لهم توبة.
وقيل: المعنى: لو تنزلت الملائكة تشهد لك، فكفروا بعد ذلك؛ لم ينظروا.
وقوله: إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون يعني: أنه حفظ القرآن من الشياطين أن تزيد فيه، أو تنقص منه، وقيل: (الهاء) في {له}: لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين : [أي: فرقهم؛ والمعنى: ولقد أرسلنا من قبلك رسلا في شيع الأولين].
وقوله: كذلك نسلكه في قلوب المجرمين أي: نسلك التكذيب، عن مجاهد.
الحسن: نسلك الشرك.
قتادة: نسلك الاستهزاء.
وقيل: المعنى: نسلك القرآن في قلوبهم، فيكذبون به، ومعنى التشبيه: أنه قال: كما سلكناه في قلوب من تقدم من الكفار؛ كذلك نسلكه في قلوب مشركي قريش.
وقوله: لا يؤمنون به : خصوص.
وقوله: وقد خلت سنة الأولين أي: مضت سنتهم في التكذيب بالآيات، فمشركو قريش يقتفون آثارهم.
[ ص: 630 ] وقيل: المعنى: خلت وقائع الله تعالى بمن تقدمهم من الأمم.
وقوله تعالى: ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون : الضمير في {عليهم}: للمشركين، وفي {فظلوا}: للملائكة؛ والمعنى: فظلت الملائكة تذهب وتجيء في ذلك الباب، قاله ابن عباس، وقتادة.
الحسن: الضمير في {فظلوا}: لبني آدم؛ والمعنى: فظل الذين سألوا الإتيان بالملائكة فيه يعرجون.
وقوله: لقالوا إنما سكرت أبصارنا أي: أخذ بأبصارنا، وشبه علينا.
قال ابن عباس: معنى {سكرت}: أخذت.
أبو عبيدة: معنى {سكرت}: غشيها سمادير حتى لا يبصروا.
وقيل: هو من السكر في الشراب؛ والمعنى: غشيهم ما غطى أبصارهم.


