[ ص: 108 ] التفسير: 
قوله تعالى: ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا   المعنى: ولقد صرفنا هذا القرآن، وقيل: إن {في} زائدة; والتقدير: ولقد صرفنا هذا القرآن. 
وما يزيدهم إلا نفورا  أي: ما يزيدهم التصريف إلا نفورا. 
وقوله: إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا  أي: لتقربوا إليه، والتمسوا الزلفى [عنده. 
 ابن جبير:  المعنى: إذا لطلبوا طريقا للوصول إليه; ليزيلوا ملكه]. 
وقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم   : قال  الحسن:  كل شيء فيه روح يسبح، وقال  النخعي  وغيره: هو عام فيما فيه روح، وفيما لا روح فيه، حتى صرير الباب، واحتجوا بتكليم الجمادات [كالشجر والمدر للنبي صلى الله عليه وسلم. 
وقيل: تسبيح الجمادات]: أنها تدعو الناظر إليها إلى أن يقول: سبحان الله! وقيل تسبيحها: ما فيها من الدلالة على خالقها.  
وقوله تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا  أي: مستورا عن أبصار الناس; كالطبع على قلوبهم، وتغشية أبصارهم. 
وقيل: هو بمعنى: (ساتر) ، والآية في قوم كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم إذا  [ ص: 109 ] سمعوه يقرأ; فأعلمه الله تعالى أنه جعل بينه وبينهم حجابا ساترا; فلا يفقهون ما يقول، ولا ينتفعون به. 
وقيل: (الحجاب) : منع الله تعالى إياه من أراد أذاه. 
وقوله: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا   : (الأكنة) : جمع (كنان) ; وهو ما ستر، و (الوقر) : الصمم. 
وقوله تعالى: أدبارهم نفورا   : قيل: يعني بذلك: المشركين، وقيل: يعني: الشياطين. 
وقوله: {نفورا} : يصلح أن يكون مصدرا، ويصلح أن يكون جمع (نافر) . 
وقوله: نحن أعلم بما يستمعون به   : كانوا يستمعون من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينفردون; فيقولون: هو ساحر، ومسحور، وما أشبه ذلك مما أخبر الله تعالى به عنهم، قاله  قتادة  وغيره. 
و (النجوى) : مصدر وصف به. 
وقوله: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا  أي: قد سحر، من (السحر) ، يقولون ذلك، لينفروا عنه الناس. 
 [ ص: 110 ] وقيل: المعنى: أن له سحرا; أي: رئة، فهو لا يستغني عن الطعام والشراب مثلكم، وليس بملك. 
وقيل: معنى (مسحور) : مخدوع. 
وقوله تعالى: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا   : قال  مجاهد:  أي: [لا يستطيعون مخرجا، وقيل: لا يستطيعون] سبيلا إلى الهدى. 
وقوله: عظاما ورفاتا   : قال  ابن عباس:   (الرفات) : الغبار،  مجاهد:   (الرفات) : التراب،  أبو عبيدة   والكسائي:   {ورفاتا} : حطاما. 
ومعنى قوله: خلقا جديدا   : مجددا. 
وقوله تعالى: قل كونوا حجارة أو حديدا  أي: لو كنتم كذلك; لأعادكم كما بدأكم. 
أو خلقا مما يكبر في صدوركم   : قال  مجاهد:  يعني: السماوات والأرض، والجبال. 
 ابن عباس،   وابن جبير،  وغيرهما: يعني: الموت. 
فسينغضون إليك رءوسهم  أي: يحركونها من فوق إلى أسفل، ومن أسفل إلى فوق، كفعل المتعجب المستبطئ للشيء. 
 [ ص: 111 ]  ابن عباس،   وقتادة:  المعنى: يحركونها استهزاء. 
وقوله تعالى: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده   : [(الدعاء) : النداء إلى الحشر بكلام يسمعه جميع الخلائق، وقيل: بالصيحة التي يسمعون، فيدعوهم إلى الاجتماع إلى أرض المحشر. 
وقوله: فتستجيبون بحمده   : [أي: حامدين، وقيل: معنى {بحمده} أي: بأمره; أي: تقرون بأنه خالقكم، وقيل: المعنى: بقدرته، وقيل: بدعائه إياكم]. 
وتظنون إن لبثتم إلا قليلا  يعني: بين النفختين; وذلك أن العذاب يكف عن المعذبين بين النفختين، فينامون، فذلك قوله تعالى: من بعثنا من مرقدنا   [يس: 52]، فيكون خاصا للكفار. 
وقال  قتادة:  المعنى: أن الدنيا تحاقرت في أعينهم وقلت حين رأوا يوم القيامة. 
وقوله تعالى: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن  أي: قل لهم يأمروا بما  [ ص: 112 ] أمر الله تعالى به، وينهوا عما نهى الله عنه. 
 الحسن:  التي هي أحسن   : يرحمك الله، يغفر الله لك، يريد: عند المنازعة. 
وقيل: هي لا إله إلا الله. 
إن الشيطان ينـزغ بينهم  أي: يفسد. 
وقوله: ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم   : هذا خطاب للمشركين; والمعنى: إن يشأ يوفقكم للإسلام، فيرحمكم، أو يميتكم على الشرك، فيعذبكم. 
وما أرسلناك عليهم وكيلا  أي: لم نوكلك على منعهم من الكفر. 
وقوله: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض   : قد تقدم القول فيه. 
وقوله تعالى: قل ادعوا الذين زعمتم من دونه   : قال  الحسن:  يعني: الملائكة، وعيسى، وعزيرا. 
 ابن مسعود:  يعني: الجن. 
أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة   : أعلمهم الله تعالى أن المعبودين يبتغون القربة إلى ربهم، و (الهاء) في {ربهم} تعود على العابدين، أو  [ ص: 113 ] على المعبودين، أو عليهم جميعا. 
وقوله: أيهم أقرب  أي: يبتغون الوسيلة ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى؟ فيتوسلون به، ويجوز أن يكون {يبتغون} بدلا من الضمير في {يدعون} ; أي: يبتغي أيهم أقرب الوسيلة إلى الله تعالى; أي: يتقرب إليه بالعمل الصالح. 
ويرجون رحمته ويخافون عذابه  أي: أن الذين تزعمون أنهم آلهة يرجون ويخافون. 
وقوله تعالى: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا  يعني بقوله: مهلكوها قبل يوم القيامة   : موت أهلها بغير عذاب، أو معذبوها  يعني: موتهم بعذاب. 
وقيل: المعنى: وإن من قرية ظالمة، ويقوي ذلك قوله: وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون   [القصص: 59]. 
كان ذلك في الكتاب مسطورا  أي: مكتوبا. 
وقوله تعالى: وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون   : في الكلام حذف; والمعنى: وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن يكذبوا  [ ص: 114 ] بها، فيهلكوا; كما فعل بمن كان قبلهم، قال بمعناه  قتادة،   وابن جريج،  وغيرهما، فأخر الله تعالى العذاب عن كفار قريش; لعلمه أن فيهم من يؤمن. 
وقوله: وآتينا ثمود الناقة مبصرة  أي: ذات إبصار، وقيل: مبينة، تبين لهم صدق صالح.  
فظلموا بها  أي: ظلموا بتكذيبهم بها، وقيل: المعنى: ظلموا من أجلها لما عقروها. 
				
						
						
