وقوله: ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا   أي: لولا أن عصمناك عما دعوك إليه; لقد كدت تميل إليهم شيئا قليلا. 
روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين نزلت هذه الآية: "اللهم لا تكلني إلى نفسي  [ ص: 130 ] طرفة عين". 
وقيل: ظاهر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وباطنه إخبار عن ثقيف، والمعنى: وإن كادوا ليركنونك; أي: كادوا يخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم، فنسب فعلهم إليه مجازا واتساعا; كقولك للرجل: (كدت تقتل نفسك) ; أي: كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت. 
وقوله: إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات   : قال  ابن عباس،   ومجاهد،  وغيرهما: المعنى: ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات; لعظم ذلك منه لو فعله; أي: أنك نبي تضاعف سيئاتك كما تضاعف حسناتك. 
وهذا وعظ من الله تعالى، وتنبيه لعباده، وإعلام لهم بأن هذا حكمه في الأنبياء لو عصوه، فكيف تكون حال العاصين من غيرهم؟وقوله: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها   : قال  المعتمر  [ ص: 131 ] ابن سليمان  عن أبيه: أرادت اليهود أن تحتال على النبي صلى الله عليه وسلم، فتخرجه من المدينة،  وقالوا له: الشام  أرض الأنبياء. 
 مجاهد،   وقتادة:  هم قريش، هموا بإخراجه من مكة.  
قال  الحسن:  ولو أخرجوه; لهلكوا، كما قال: وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا  ، فلما أراد الله تعالى بقاء أهل مكة;  أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالمهاجرة إلى المدينة،  فهاجر بأمره. 
قال  ابن عباس،   والضحاك:   (القليل) : المدة فيما بين إخراجهم إياه وقتله إياهم، يوم بدر. 
وقوله تعالى: سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا  أي: أنهم إذا أخرجوا نبيهم، أو قتلوه; نزل بهم العذاب. 
وقوله تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس  يعني: ميلها للزوال، عن  ابن عباس،   ومجاهد،  وغيرهما، واختاره  الطبري.  
 ابن مسعود،   وابن زيد:   (دلوكها) : غروبها، واختاره القتبي،  وقال: العرب تقول: (دلك النجم) ; إذا غاب. 
وقال بعض أهل اللغة: من قال: إن (الدلوك) الزوال; فإنما قيل له ذلك; لأن الناظر إلى الشمس يدلك عينيه; لشدة شعاعها، ومن قال: هو الغروب;  [ ص: 132 ] فلأنه بدلك عينيه; ليتبينها. 
وإذا جعل (الدلوك) الزوال; فالمراد: الظهر والعصر، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:  "أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت، فصلى بي الظهر". 
و غسق الليل  يراد به: المغرب والعشاء، و (غسقه) : اجتماعه، وظلمته، قال  ابن عباس:  غسق الليل   : بدء الليل. 
				
						
						
