الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      من فتح الميم الثانية من مجمع البحرين ؛ فهو الأصل من (فعل يفعل ) في المكان والزمان ؛ نحو : (ذهبت مذهبا ) ؛ إذا أردت : ذهابا ، أو مكانا تذهب فيه ، وقد جاء (المفعل ) بالكسر موضع المفتوح ؛ نحو : (المشرق ) ، و (المغرب ) ، [ ص: 219 ] و (المنسك ) ، و (المطلع ) ، فهذا منه في من كسر الميم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا : يجوز أن ينتصب قوله : {سربا} على أنه مفعول ثان لــــ(اتخذ ) ؛ كما تقول : (اتخذت طريقي مكان كذا وكذا ) ، ويجوز أن يكون مصدرا يدل عليه (اتخذ ) ؛ كأنه قال : (سرب الحوت سربا ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : واتخذ سبيله في البحر عجبا : يجوز أن يكون {عجبا} مفعولا ثانيا لـ {اتخذ} ؛ المعنى : واتخذ يوشع أو موسى سبيل الحوت في البحر عجبا ، ويجوز أن يكون مصدرا ، كأن يوشع لما قال : واتخذ سبيله في البحر} ؛ قال موسى : {عجبا} ! أي : أعجب عجبا ! فيوقف على هذا على : في البحر .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {عجبا} نعتا لمفعول ، كأنه قال : يفعل شيئا عجبا .

                                                                                                                                                                                                                                      فارتدا على آثارهما قصصا : مصدر ؛ أي : رجعا يقصان الأثر قصصا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : {على أن تعلمن مما علمت رشدا : {رشدا} مفعول لـ {تعلمن} ؛ والتقدير : تعلمني أمرا ذا رشد ، ويجوز أن يكون مفعولا له ؛ على معنى : هل أتبعك للرشد على أن تعلمني ؟ لقد جئت شيئا نكرا : يجوز أن يكون المعنى : لقد أتيت شيئا نكرا ، فيكون مفعولا ، ويجوز أن يكون على تقدير حذف حرف الجر ؛ المعنى : لقد جئت بشيء نكر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 220 ] ومن خفف النون من {لدني} ؛ فإنه حذف النون الزائدة التي تصحب ياء الإضافة ؛ لاجتماع المثلين ، ولا تكون المحذوفة الأولى ؛ بدلالة أنها ترد مع علامة المضمر ؛ نحو : {لدنه} ، والمضمر يرد معه الأصل ، ولا تحذف النون من نحو : (مني ) و (عني ) كما حذفت من (لدني ) ؛ لأن (من ) و (عن ) حرفان ، والحذف في الأسماء أكثر .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {لدني} ؛ أسكن الدال تخفيفا ، ومن أشم الضم ؛ فليدل على الضمة حين أسكن .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {لدني} ؛ نقل ضمة الدال إلى اللام ، ولا بد لمن أسكن الدال من حذف النون التي تزاد مع الضمير ؛ لأنها إن لم تحذف ؛ أدغمت فيها الأصلية ، فلزم تحريك الدال ؛ لالتقاء الساكنين ، [فتحذف ؛ لالتقاء الساكنين] ، كما تحذف في (لد الحائط ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 221 ] ومن قرأ : {جدارا يريد أن ينقض} ؛ فالمعنى : قارب أن ينقض .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {ينقاص} ؛ فهو مثل : (انقاصت البيضة ) ؛ أي : انفلقت .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {ينقض} ؛ جاز أن يكون (يفعل ) ؛ من (نقضت الشيء ) ، وجاز أن يكون (ينفعل ) من (القض ) ؛ وهو التراب والحصى الصغار .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو زيد : يقال : (طعام قضيض ) ؛ إذا كانت فيه القضة ؛ [يعني : الحصى الصغار ] .

                                                                                                                                                                                                                                      {لتخذت عليه أجرا} : من قرأ {لتخذت} ؛ فهو من (تخذ يتخذ ) ، يقال : (تخذ ) ، و (اتخذ ) ، وحكى سيبويه : (استخذ ) ؛ على أن السين بدل من تاء ، والأصل : (اتخذ ) ، أو على أن الأصل : (استتخذ ) ؛ فحذفت التاء الأولى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 222 ] الأخفش : التاء الأولى من (اتخذ ) بدل من واو ، والواو بدل من همزة ، وقيل : هي بدل من باء ، والياء بدل من همزة ، حكاه ابن كيسان .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {فكان أبواه مؤمنان} ؛ فهو على تقدير : فكان الأمر أبواه مؤمنان ، فلا يكون فيه ضمير عائد على اسم (كان ) ؛ لأن ضمير الأمر وشبهه لا يحتاج من الجملة التي تكون بعده خبرا عنه إلى ضمير عائد عليه منها .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون اسم (كان ) ضمير {الغلام} ؛ فيكون التقدير : فكان هو أبواه مؤمنان ، والجملة بعده خبر (كان ) .

                                                                                                                                                                                                                                      والتشديد والتخفيف في {يبدلهما} سواء ، وقد تقدم القول في أمثاله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد زعم بعض أهل اللغة : أن معنى (أبدلت ) : أن يذهب الشيء ويأتي غيره ، ومعنى (بدلت ) : أن يبدل وهو قائم بعينه ، وأنكره أبو علي ، واستدل بقوله : وإذا بدلنا آية مكان آية [النحل : 101 ] ، قال : فالآية المبدلة قد تكون قائمة التلاوة ، وقد ترفع من التلاوة .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في {اتبع} و {أتبع} ، و {اتبع} يتعدى إلى مفعول ، و {أتبع} يتعدى إلى مفعولين ؛ لأنه منقول بالهمزة من (تبع ) ؛ فالتقدير : فأتبع أمره سببا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 223 ] وتقدم القول في {حمئة} ، و {حامية} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إما أن تعذب} : يجوز أن يكون موضع {أن} رفعا ؛ على معنى : إما هو أن تعذب ، ويجوز أن يكون موضعها نصبا بإضمار فعل ؛ التقدير : إما أن تفعل أن تعذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : {فله جزاء الحسنى} : [من قرأ : {فله جزاء الحسنى} ] ؛ فالمعنى : فله جزاء الخلال الحسنى ، فـ {الحسنى} في موضع جر بالإضافة ، أو في موضع رفع على البدل من {جزاء} ، وحذف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين ، و {الحسنى} على هذا : الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نون ونصب ؛ فهو مصدر في موضع الحال ؛ والتقدير : فله الحسنى مجزيا بها جزاء ، ويجوز النصب بغير تنوين ؛ على أن تحذف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك : يجوز أن يكون موضع الكاف جرا على النعت لـ {قوم} ؛ أي : تطلع على قوم مثل أولئك الذين تغرب عليهم ، أو يكون موضعه نصبا على النعت لقوله : {سببا} ؛ أي : اتبع سببا مثل السبب الأول ، أو على أنها نعت لمصدر محذوف ؛ المعنى : تطلع طلوعا مثل غروبها ، أو [ ص: 224 ] يكون موضعها رفعا على تقدير : الأمر كذلك ، أو حكمهم مثل حكم أولئك ، ويوقف على هذه الأوجه على {كذلك} .

                                                                                                                                                                                                                                      والضم والفتح في {السدين} : لغتان بمعنى ، عن الكسائي ، وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة ، وأبو عمرو بن العلاء ، وغيرهما : هو بالضم ما كان من صنع الله تعالى ؛ كالجبال وشبهها ، وبالفتح ما كان من صنع الآدميين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : {السد} ؛ بالضم : الاسم ، و {السد} ؛ بالفتح : المصدر .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {يفقهون قولا} ؛ فالمعنى : يفقهون غيرهم قولا ، فحذف إحدى المفعولين ، و {يفقهون} : متعد إلى مفعول واحد ؛ من قولك : (فقهت الحديث أفقهه ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن همز {ياجوج وماجوج} ؛ جاز أن يكون من (أجة الحر ) ؛ وهي شدته ، ومنه : (أججت النار ) ، و ملح أجاج [الفرقان : 53 ] ؛ فهما (يفعول ) و (مفعول ) ، وترك الصرف فيهما على أنهما اسمان للقبيلة ، فلم يصرفا ؛ للتأنيث والتعريف ، [ ص: 225 ] ويجوز أن يكونا غير مشتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن لم يهمز ؛ جاز أن يكون {ياجوج} من (يج ) ، و {ماجوج} ؟ من (مج ) ، وترك صرفهما على ما تقدم ، وجاز أن يكونا أعجميين في الأصل غير مشتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      [وإذا جعلا غير مشتقين] في القراءتين ؛ فوزن كل واحد منهما (فاعول ) ، ولم ينصرفا ؛ للعجمة والتعريف .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {خرجا} ؛ فـــــ(الخرج ) : العطية ؛ والمعنى : فهل نجعل لك عطية نخرجها من أموالنا ؟ و (الخراج ) : الضريبة التي تلزم الأرض ، وقد يقال للعطية : (الخراج ) أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {مكنني} ؛ فهو الأصل ، ومن قرأ : {مكني} ؛ أدغم النون الأولى في الثانية .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {ردما اءتوني} من المجيء ؛ فلأنه أشبه بسياق الآية ؛ لأنه [ ص: 226 ] كلفهم المعونة على عمل السد ، ولم يقبل منهم الخرج الذي بذلوه ، وفي هذه القراءة تقدير حذف الجر ، والمعنى : ائتوني بزبر الحديد .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {ءاتوني} ؛ فمعناه : أعطوني ؛ أي : ناولوني ، فهو راجع إلى القراءة الأولى .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك القول في : قال آتوني أفرغ عليه قطرا ، والفعل الثاني في القراءتين هو المعمل ، ولو أعمل الأول ؛ لقال في قراءة {ءاتوني} : آتوني أفرغه عليه قطرا ، وفي قراءة : {اءتوني} : ائتوني بقطر أفرغه عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن شدد الطاء في {تسطع} ، و {اسطاعوا} ؛ فعلى أن الأصل : (تستطع ) ، واستطاعوا ، فأدغم التاء في الطاء ، وجمع بين الساكنين على الشذوذ .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي (استطاع ) خمس لغات : (استطاع ) ، و (اسطاع ) : (استفعل ) على حذف التاء ؛ كراهة اجتماع المتقاربين ، و (استاع ) : على إبدال الطاء تاء ، أو على أن الطاء حذفت حذفا حين لم يحسن الإدغام ، و (اسطاع ) ؛ بالإدغام ، وهي أشذهن وأبعدهن ، و (أسطاع يسطيع ) ؛ بمعنى : (أطاع يطيع ) ، زيدت السين عوضا من نقل [ ص: 227 ] حركة العين إلى الفاء ، ولما يلزمها من الحذف في (لم يسطع ) ، ومثله : (أهراق ) في (أراق ) ، وليس هذا العوض بلازم ، ولا يقاس عليه ، وإنما هو مسموع ، ألا تراهم لم يعوضوا في (أقام ) ، و (أجاد ) ، وشبهه .

                                                                                                                                                                                                                                      وما في {الصدفين} من القراءات ؛ فلغات بمعنى ، و (الصدفان ) : الجبلان المتقابلان ، كأن أحدهما صادف صاحبه ، ولا يقال للجبل المنفرد : (صدف ) .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية