الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر : قد تقدم ذكر فرض الحج، وحد الاستطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليشهدوا منافع لهم : في هذا دليل على إباحة التجارة في الحج، وهو قول مجاهد، وابن جبير، وغيرهما: إن (المنافع) : التجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: (المنافع) : الأسواق.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو جعفر محمد بن علي: (المنافع) : المغفرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو شهود المناسك.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير : قال ابن عباس: [هو الزمن الفقير]، مجاهد: هو الذي إذا سأل مد يده، الحسن: هو الذي لا تغنيه اللقمة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 424 ] واستحب بعض العلماء للرجل أن يأكل من لحم أضحيته، وهو قول مالك، والليث، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء، ومجاهد: إن شئت فكل، وإن شئت فلا تأكل; فيكون قوله: فكلوا منها على هذا إباحة; وذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يحظرون لحوم الضحايا.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن ابن مسعود، وابن عمر، وغيرهما: أن المختار أن يأكل من أضحيته الثلث هو وأهل بيته، ويطعم الثلث، ويتصدق بالثلث.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب علي، وابن عمر: أن لا يدخر من الضحايا بعد ثلاث، وروياه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأباح ذلك جماعة من العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى الخدري: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "كنت نهيتكم عن لحوم الضحايا بعد ثلاث، ألا فكلوا وادخروا"; فالحديث الأول منسوخ.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 425 ] وذهب جماعة من العلماء: إلى أن ذبح الضحايا ناسخ لكل ذبح كان قبله، وكذلك قال محمد بن الحسن، وغيره: إن الضحايا ناسخة للعقيقة.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله تعالى: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام دليل على أنه لا يضحى في ليالي أيام النحر، وهو مذهب مالك، وغيره، وأجاز ذلك الشافعي، وأبو ثور، ورخص فيه أصحاب الرأي، ولا يجوز الذبح ليلة اليوم الأول من أيام النحر بإجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق : قال ابن عمر: (التفث) : ما عليهم من الحج، وعنه وعن ابن عباس: المناسك كلها، وعن ابن عباس أيضا: الحلق، والتقصير، والأخذ من الشارب واللحية، ونتف الإبط، وقص الأظفار، والرمي، والذبح; ومعنى ذلك: إباحة ما هو محظور على المحرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وليوفوا نذورهم : قال مجاهد: يعني: الحج والعمرة، وما نذره الإنسان من شيء يكون فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: هو نحر ما نذروا من البدن.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 426 ] بكر القشيري: (النذور) ههنا: رمي الجمار، وأصله في رمي جمرة العقبة خاصة; إذ بها يتحلل من الإحرام، وقد يجوز أن يدخل غيرها في معناها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وليطوفوا بالبيت العتيق يعني: الطواف المفروض; وهو طواف الإفاضة، وقد تقدم القول فيه في (البقرة) [196].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية