الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4138 [ ص: 387 ] باب: في اجتناب المبتلى

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب اجتناب المجذوم ونحوه).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 228 جـ 14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف: رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: "إنا قد بايعناك. فارجع"].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              هذا موافق للحديث الآخر، في صحيح البخاري: "وفر من المجذوم فرارك من الأسد". وهو غير مخالف لحديث: "لا يورد ممرض على مصح".

                                                                                                                              قال عياض: قد اختلف الآثار عن النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم، في قصة المجذوم، فثبت عنه الحديثان المذكوران.

                                                                                                                              وعن جابر: "أن النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم، أكل مع المجذوم، وقال له : كل؛ ثقة بالله وتوكلا عليه". وعن عائشة: "قالت: كان لنا مولى مجذوم، فكان يأكل في صحافي، ويشرب [ ص: 388 ] في أقداحي، وينام على فراشي". قال: وقد ذهب عمر -رضي الله عنه- وغيره من السلف: إلى الأكل معه. ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ. والصحيح الذي قاله الأكثرون، ويتعين المصير إليه: أنه لا نسخ. بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه، والفرار منه: على الاستحباب والاحتياط، لا للوجوب. وأما الأكل معه، ففعله: لبيان الجواز. والله أعلم.

                                                                                                                              قال عياض: قال بعض العلماء: في هذا الحديث، وما في معناه: دليل على أنه يثبت للمرأة الخيار في فسخ النكاح، إذا وجدت زوجها مجذوما، أو حدث به جذام.

                                                                                                                              واختلف الشافعية، وأصحاب مالك، في أن أمته: هل لها منع نفسها من استمتاعه، إذا أرادها؟.

                                                                                                                              قال عياض: قالوا: ويمنع من المسجد، والاختلاط بالناس. قال: وكذلك اختلفوا في أنهم إذا كثروا، هل يؤمرون: أن يتخذوا لأنفسهم موضعا منفردا، خارجا عن الناس، ولا يمنعوا من التصرف في منافعهم؟ وعليه أكثر الناس. أم لا يلزمهم التنحي؟ قال: ولم يختلفوا في القليل منهم، في أنهم لا يمنعون.

                                                                                                                              قال: ولا يمنعون من صلاة الجمعة مع الناس. ويمنعون من غيرها.

                                                                                                                              [ ص: 389 ] قال: ولو استضر أهل قرية فيهم جذمى، بمخالطتهم في الماء، فإن قدروا على استنباط ماء بلا ضرر: أمروا به. وإلا، استنبطه لهم الآخرون، أو أقاموا من يستقي لهم. وإلا، فلا يمنعون.




                                                                                                                              الخدمات العلمية