الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4349 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (الباب المتقدم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص110 جـ15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              وفي رواية: "من سأل عن شيء، ونقر عنه". أي: بالغ في [ ص: 157 ] البحث عنه، والاستقصاء.

                                                                                                                              قال عياض: المراد "بالجرم" هنا: الحرج على المسلمين، لا أنه "الجرم"، الذي هو الإثم، المعاقب عليه؛ لأن السؤال كان مباحا. ولهذا قال: "سلوني". قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي ضعيف، بل باطل. والصواب: الذي قاله الخطابي، وصاحب التحرير، وجماهير العلماء، في شرح هذا الحديث: أن المراد "بالجرم" هنا: الإثم والذنب. قالوا: ويقال منه: "جرم" بالفتح، واجترم. وتجرم: إذا أثم.

                                                                                                                              قال الخطابي، وغيره: هذا الحديث، فيمن سأل تكلفا، أو تعنتا، فيما لا حاجة إليه. فأما من سأل لضرورة، بأن وقعت له مسألة، فسأل عنها: فلا إثم عليه ولا عتب؛ لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .

                                                                                                                              قال صاحب التحرير وغيره: فيه دليل، على أن من عمل ما فيه إضرار بغيره، كان آثما. انتهى.

                                                                                                                              وبالجملة؛ فمقصود الحديث، أنه صلى الله عليه وآله وسلم: نهاكم عن إكثار السؤال، والابتداء بالسؤال عما لا يقع. وكره ذلك لمعان؛

                                                                                                                              منها: أنه ربما كان سببا لتحريم شيء على المسلمين، فيلحقهم به المشقة.

                                                                                                                              ومنها: أنهم ربما أحفوه، صلى الله عليه وآله وسلم،

                                                                                                                              [ ص: 158 ] بالمسألة. "والحفوة": المشقة، والأذى. فيكون ذلك سببا لهلاكهم. وقد صرح بهذا في حديث آخر عن أنس، عند مسلم، في قوله: "حتى أحفوه بالمسألة". إلخ. وقد قال تعالى: إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية