الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              (قالت) المرأة (الرابعة) واسمها : "مهدد" بفتح الميم ، وسكون الهاء ، وفتح الدال الأولى . بنت "أبي هرومة" بالراء المضمومة - تمدح زوجها- : (زوجي : كليل تهامة) بكسر التاء . اسم لكل ما نزل عن نجد : من بلاد الحجاز . وهو من "التهم" بفتح التاء والهاء . وهو ركود الريح .

                                                                                                                              [ ص: 427 ] قال في القاموس : "تهامة" مكة . شرفها الله تعالى . تريد : أنه ليس فيه أذى ، بل راحة ولذاذة عيش ، كليل "تهامة" : لذيذ معتدل .

                                                                                                                              قال البيجوري : أي في كمال الاعتدال ، وعدم الأذى ، وسهولة أمره ، كما بينته بما بعده .

                                                                                                                              قال: وتهامة : "مكة" وما حولها من الأغوار ؛ من البلاد المنخفضة . وأما البلاد العالية ، فيقال لها : "نجد" .

                                                                                                                              و "المدينة" : لا تهامية ، ولا نجدية . لأنها فوق الغور ، ودون النجد. انتهى . زاد في التحفة : وإنما تكون لياليها ، أي : ليالي "تهامة" باردة طيبة . لأنها من البلاد الحارة ، وكل بلد حار كذلك .

                                                                                                                              (لا حر) مفرط ، (ولا قر) بضم القاف : ما يقابل "الحر" . وكلمة "لا" لنفي الجنس ، على الأشهر.

                                                                                                                              قال البيجوري : أي : "لا ذو حر" مفرط ، "ولا ذو قر" بفتح القاف ، وضمها . والأول: أنسب بقوله : "حر" . أي : برد . أو لا حر فيه ولا قر.

                                                                                                                              فالأول : على أن "لا" للعطف ، أو بمعنى "ليس" ، أو بمعنى "غير" .

                                                                                                                              والثاني : على أن تكون لنفي الجنس ، والخبر محذوف .

                                                                                                                              وهذا : كناية عن عدم الأذى . وقدم "الحر" : لأنه أشد تأثيرا ، [ ص: 428 ] لاسيما في الحرمين الشريفين ، لكثرة الحر فيهما . ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم : "من صبر على حر مكة ساعة؛ تباعد من نار جهنم سبعين سنة" . وفي رواية : "مائتي سنة" . انتهى.

                                                                                                                              قلت: وهذا الحديث ظاهره الوضع. فلينظر في سنده ومخرجه .

                                                                                                                              وروي : "ولا برد ، ولا وخامة" بالفتح . أي : لا ثقل عنده .

                                                                                                                              تصف زوجها بذلك ، وأنه لين الجانب ، خفيف الوطأة على الصاحب .

                                                                                                                              ويحتمل : أن يكون ذلك ، من بقية صفة الليل . .

                                                                                                                              (ولا مخافة ، ولا سآمة) . قال النووي : أي : ليس فيه حر ولا برد مفرط ، ولا أخاف له غائلة : لكرم أخلاقه . ولا يسأمني ويمل صحبتي . انتهى.

                                                                                                                              وقال القسطلاني : أي : لا ملالة لي ولا له ، من المصاحبة . والكلمتان مبنيتان على الفتح . ويجوز الرفع . قال : ومعناه : أنا لذيذة العيش عنده ، كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل .

                                                                                                                              وفي رواية الزبير بن بكار : "والغيث : غيث غمامة" . قال أبو عبيد : أرادت أنه لا شر فيه يخاف .

                                                                                                                              [ ص: 429 ] وقال ابن الأنباري : أرادت أن أهل تهامة : لا يخافون ، لتحصنهم بجبالها . أو أرادت وصف زوجها . بأنه حامي الذمار، مانع لداره وجاره ، ولا مخافة عند من يأوي إليه . ثم وصفته بالجود .

                                                                                                                              وقال غيره : قد ضربوا المثل بليل تهامة "في الطيب" ، لأنها بلاد حارة في غالب الزمان ، وليس فيها رياح باردة . فإذا كان الليل : كان وهج الحر ساكنا ، فيطيب الليل لأهلها : بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حر النهار .

                                                                                                                              قال البيجوري : أي لا ذو مخافة ، ولا ذو سآمة . أو لا مخافة فيه ، ولا سآمة - مثل ما قبله - . فلا شر فيه : بحيث يخاف منه ، ولا قبح فيه : بحيث يسأم منه ؛ لكرم أخلاقه .

                                                                                                                              قال : وهذا من أبلغ المدح : لدلالته على نفي سائر أسباب الأذى عنه ، وثبوت جميع أنواع اللذة في عشرته . انتهى . .

                                                                                                                              (قالت) المرأة (الخامسة) ، واسمها : "كبشة" بسكون الباء ، تمدح زوجها : (زوجي : إن دخل فهد) بفتح الفاء وكسر الهاء . أي : إن دخل البيت : فعل فعل الفهد . يقال : "فهد الرجل" إذا أشبه "الفهد" في كثرة نومه . تريد أنه ينام ، ويغفل عن معائب البيت الذي يلزمني إصلاحه .

                                                                                                                              وقيل : تريد : "وثب علي وثوب الفهد" . كأنها تريد : أنه يبادر إلى جماعها من حبه لها . بحيث إنه لا يصبر عنها إذا رآها . قاله "ابن أبي [ ص: 430 ] أويس" . قال النووي : والصحيح المشهور : التفسير الأول.

                                                                                                                              قال الكمال الدميري : قالوا : "أنوم من فهد، وأوثب من فهد" .

                                                                                                                              قال : ومن خلقه الغضب. وذلك أنه إذا وثب على فريسة : لا يتنفس حتى ينالها .

                                                                                                                              وقال عياض : وحمله الأكثر على الاشتقاق من خلق الفهد ؛

                                                                                                                              إما : من جهة قوة وثوبه . وإما : من كثرة نومه .

                                                                                                                              قال : ويحتمل : أن يكون من جهة كثرة كسبه ، لأنهم قالوا : "أكسب من فهد" . وأصله : أن الفهود الهرمة : تجتمع على فهد منها فتى ، فيتصيد عليها كل يوم ، حتى يشبعها . فكأنها قالت : إذا دخل المنزل : دخل معه بالكسب لأهله ، كما يجيء الفهد لمن يلوذ به : من الفهود الهرمة . انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : هذا أيضا مدح بليغ . انتهى .

                                                                                                                              وقال البيجوري : التقدير : "فهو فهد" . أي مثل الفهد ؛ في الوثوب ، أو في النوم ، أو التمرد. فهو محتمل للمدح ، والذم ؛ [ ص: 431 ] فإن كان القصد المدح : فالمراد أنه كالفهد ، في الوثوب لجماعها ، أو في النوم والتغافل عما أضاعته ، مما يجب عليها تعهده : كرها وحلما .

                                                                                                                              وإن كان القصد الذم : فالمراد أنه كالفهد ، في الوثوب لضربها ، وتمرده ونومه ، وتغافله عن أمور أهله ، وعدم ضبطه لها .

                                                                                                                              (وإن خرج) من البيت : (أسد) بكسر السين ، فعل ماض . تريد : يفعل فعل الأسد، في شجاعته .

                                                                                                                              وفيه كما قال عياض : المطابقة بين : "دخل ، وخرج" لفظية ، وبين : "فهد وأسد" معنوية . وتسمى أيضا : المقابلة.

                                                                                                                              وفيهما أيضا الاستعارة ، فإنها استعارت له في الحالتين : خلق هذين الحيوانين ، فجاء في غاية من الإيجاز والاختصار ، ونهاية من البلاغة والبيان . أي : إذا دخل : تغافل وتناوم . وإذا خرج : صال . فلما استعارت له خلق هذين السبعين : في الحالتين اللازمتين له ، المختصتين : أعربت بذلك عن تخلقه بهما ، والتزامه لوصفيهما . وعبرت عن جميع ذلك بكلمة وكلمة . كل واحدة من ثلاثة أحرف ، حسنة التركيب ، مع جمالهما في اللفظ ، ومناسبتهما في الوزن ، وسهولتهما في النطق .

                                                                                                                              (ولا يسأل عما عهد) بفتح العين ، وكسر الهاء . أي عما له عهد في البيت ؛ من ماله إذا فقده: لتمام كرمه . وزاد الزبير بن بكار ، في آخره : [ ص: 432 ] "ولا يرفع اليوم لغد" . أي : لا يدخر ما حصل عنده اليوم ، من أجل غد. فكنت بذلك : عن غاية جوده .

                                                                                                                              ويحتمل : أن يكون المراد من قولها : "فهد" على تفسيره "بالوثوب عليها للجماع" : الذم ، من جهة أنه غليظ الطبع ، ليست عنده مداعبة قبل المواقعة ، بل يثب وثوب الوحش . أو أنه كان سيئ الخلق ، يبطش بها ويضربها . وإذا خرج على الناس : كان أمره أشد في الجرأة والإقدام والمهابة ، كالأسد . ولا يسأل عما تغير من حالها ، حتى لو عرف أنها مريضة ، أو معوزة ، وغاب ثم جاء : لا يسأل عن ذلك ، ولا يتفقد حال أهله ولا بيته ، بل إن ذكرت له شيئا من ذلك : وثب عليها بالبطش ، والضرب.

                                                                                                                              (قالت) المرأة (السادسة) . واسمها: "هند" تذم زوجها : (زوجي : إن أكل : لف) بفتح اللام وتشديد الفاء . "فعل ماض" : أي : أكثر الأكل من الطعام ، مع التخليط من صنوفه ، حتى لا يبقي منه شيئا من نهمته وشرهه.

                                                                                                                              وعند النسائي : "إذا أكل اقتف" أي : جمع واستوعب . وحكى عياض ؛ أنه روي : "رف" . قال : وهي بمعنى : "لف" .

                                                                                                                              [ ص: 433 ] قال البيجوري : الأقرب إلى سياقها، أن مرادها : ذمه بأنه : إن أكل لم يبق شيئا للعيال ، وأكل الطعام بالاستقلال . واحتمال إرادة المدح - بأنه إن أكل : تنعم بأكل صنوف الطعام - : بعيد من المقام .

                                                                                                                              (وإن شرب : اشتف) أي : استقصى ما في الإناء . وروي "بالسين المهملة" وهو بمعناه .

                                                                                                                              قال النووي : "الاشتفاف في الشرب" : أن يستوعب جميع ما في الإناء. مأخوذ من "الشفافة" ، بضم الشين . وهي ما بقي في الإناء من الشراب . فإذا شربها : قيل : اشتفها وتشافها .

                                                                                                                              قال البيجوري : فإن أريد الذم - وهو المتبادر من كلامها-، فالمعنى : أنه يشرب الماء كله ، ولا يترك شيئا لعياله . وإن أريد المدح ، فالمعنى : أنه يشرب كل الشراب مع أهله ، ولا يدخر شيئا منه لغد .

                                                                                                                              قال (في التحفة) : نزل "أكل ، وشرب" منزلة اللازم - مع أنهما متعديان - : إشعارا بأن المقصود : نفس صدور الفعل . وليذهب السامع كل مذهب ممكن : في المأكول ، والمشروب . انتهى.

                                                                                                                              (وإن اضطجع) نام (التف) في ثيابه وحده ، في ناحية من البيت ، وانقبض عنها . فهي كئيبة لذلك . قال البيجوري : هذا ذم صريح ، وكذا ما بعده . وهو قرينة على أن ما قبله : للذم .

                                                                                                                              [ ص: 434 ] قال ابن الأعرابي : هذا ذم . أرادت : وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه ، في ناحية ، ولم يضاجعني ، ليعلم: ما عندي من محبته.

                                                                                                                              (ولا يولج الكف) أي : لا يدخل كفه داخل ثوبي (ليعلم البث) أي : الحزن الذي عندي ، على عدم الحظوة منه . فجمعت في ذمها له : بين اللؤم ، والبخل ، وسوء العشرة مع أهله ، وقلة رغبته في النكاح ، مع كثرة شهوته في الطعام والشراب . وهذا غاية الذم عند العرب . فإنها تذم : بكثرة الطعام والشراب . وتتمدح بقلتهما ، وبكثرة الجماع : لدلالة ذلك على صحة الذكورية ، والفحولية .

                                                                                                                              قال النووي : قال أبو عبيد : أحسبه كان بجسدها عيب ، أو داء كنت به : لأن البث "الحزن" . فكان لا يدخل يده في ثوبها ، ليمس ذلك فيشق عليها. فوصفته : بالمروءة وكرم الخلق. وتعقبه ابن قتيبة بأنها قد ذمته في صدر الكلام. فكيف تمدحه في آخره؟ وأجاب ابن الأنباري : بأنه لا مانع أن تجمع المرأة بين مثالب زوجها ومناقبه ، لأنهن تعاقدن : أن لا يكتمن شيئا من أخبار أزواجهن . فمنهن : من كانت أوصاف زوجها كلها حسنة ، فوصفتها. ومنهن : من كانت أوصاف زوجها كلها قبيحة ، فذكرتها . ومنهن : من كانت أوصافه فيها حسن وقبيح ، فذكرتها.

                                                                                                                              [ ص: 435 ] قال النووي : وإلى قول ابن الأعرابي ، وابن قتيبة : ذهب الخطابي وغيره ، واختاره القاضي عياض . انتهى. قال في التحفة : ولا يخفى عليك : أن هذا الجواب، وإن كان يصلح للجواب ، لكن لا يساعده اللفظ . على أنه إن سبقت الجمل الأولى للذم ، وهذه للمدح : لا يصح إلى آخر ما قال . ولا يخلو عن مقال .

                                                                                                                              قال القسطلاني : وفي كلام هذه من البديع : "المناسبة ، والمقابلة" في قولها : "إن أكل ، وإن شرب" . والالتزام ، فإنها التزمت "التاء" قبل القافية ، وقافية سجعها الفاء.

                                                                                                                              وفيه : "الترصيع" وهو حسن التقسيم، و "التتبع" ، و "الإرداف" . وهو من باب الكنايات ، والإشارات . وهو التعبير بالشيء : بأحد توابعه . وكل من الكنايات الحسية ؛ لأنها عبرت بقولها : "التف" واكتفت به عن الإعراض عنها ، وقلة الاشتغال بها . والله أعلم .

                                                                                                                              (قالت) المرأة (السابعة) ، واسمها "حبى بنت علقمة" تذم زوجها : (زوجي غياياء) مأخوذ من "الغي" ، الذي هو "الخيبة" . قال تعالى : فسوف يلقون غيا أو من "الغياية" وهي الظلمة . وكل ما أظل الشخص .

                                                                                                                              ومعناه : لا يهتدي إلى مسلك . أو أنها : وصفته بثقل الروح . قال (في التحفة) : لكن لا يوجد منه أثر في اللغة . انتهى. أو أنه : كالظل [ ص: 436 ] المتكاثف المظلم ، الذي لا إشراق فيه . أو أنها : أرادت أنه غطيت عليه أموره . أو يكون من "الغي" وهو الانهماك في الشر . قاله النووي .

                                                                                                                              قال (في التحفة) : مأخوذ من "الغياية" دون الغي كما توهم القسطلاني . فإنه "يائي" ، والغي واوي . قال : "والغياية" : قعر البئر . أي : قد التبس عليه أمره ، كأنه في قعر بئر ، أو تحت ظلة مظلمة .

                                                                                                                              45 (أو عياياء) 45 قال النووي : هكذا وقع في هذه الرواية : بالمعجمة ، وبالمهملة . وفي أكثر الروايات : "بالمعجمة" . وأنكر أبو عبيد ، وغيره : "المعجمة" . وقالوا : الصواب : "المهملة" : وهو الذي لا يلقح ولا يضرب: من الإبل .

                                                                                                                              وقيل : هو "العي" الذي تعييه : مباضعة النساء ، ويعجز عنها ..

                                                                                                                              وقال عياض وغيره : "بالمعجمة" صحيح . وهو مأخوذ من "الغياية" كما تقدم . والشك من الراوي.

                                                                                                                              وقال الكرماني : هو تنويع من الزوجة القائلة ، كما صرح به "أبو يعلى" في روايته ، من غير شك .

                                                                                                                              قال البيجوري : يحتمل : أنها للتخيير في التعبير ؛ فإما أن تعبر بالأولى ، أو الثانية . أو أنها بمعنى "بل" .

                                                                                                                              (طباقاء) معناه : المطبقة عليه أموره حمقا ، فلا يهتدي لها .

                                                                                                                              [ ص: 437 ] وقيل : الذي يعجز عن الكلام ، فتنطبق شفتاه .

                                                                                                                              وقيل : هو الأحمق العي الفدم.

                                                                                                                              وقيل : الذي لا يحسن الضراب . أو الثقيل الصدر عند الجماع ، يطبق صدره على صدر المرأة عند الجماع ، فيرتفع سفله عنها ، فلا تستمتع به . وقد ذمت امرأة "امرأ القيس" ، فقالت له : "ثقيل الصدر خفيف العجز ، سريع الإراقة بطيء الإفاقة" .

                                                                                                                              ولفظ البيجوري : مفحم ينطبق عليه الكلام ، فلا ينطق به . أو عاجز عن الجماع والوقاع . أو ينطبق على المرأة إذا علا عليها لثقله ، فيحصل لها منه : الإيذاء والتعذيب .

                                                                                                                              وقال (في التحفة) : يقال : "عياياء ، طباقاء" إذا لم يقدر على البيان . قال: وتطبيق الرجل : مكروه عند النساء . وذلك ؛ لأن الرجل إذا كان ثقيل الصدر خفيف الكفل : لا يصيب "أيره" إلى ما تريد المرأة إصابته إليه ، بل قد يخرج . انتهى .

                                                                                                                              قال: وذمته بالعجز عن الوطء: لما أنهم كانوا يستدلون به على الجبن ، وضعف القلب . وبالقوة على الوطء: على الشجاعة .

                                                                                                                              [ ص: 438 ] قال (في الأغاني) : نزل رجل من العرب ، على نصرانية بالشام : ففعل بها ثمان مرات ، في ليلة واحدة . فقالت له : أهكذا تفعلون بنسائكم ؟ قال : نعم . قالت: بهذا نصرتم ، وظفرتم على عدوكم.

                                                                                                                              ونساء العرب : كن يبغضن الجبان . وكذلك : يكرهن العاجز عن البيان . ولذلك : ذمته بالعي ، وانطباق الكلام عليه.

                                                                                                                              (كل داء له داء) . أي : كل ما تفرق في الناس - من معايب: موجود فيه . ولفظ النووي : أي جميع أدواء الناس مجتمعة فيه .

                                                                                                                              قال عياض : في هذا من لطيف الوحي والإشارة : الغاية ؛ لأنه انطوى تحت هذه اللفظة : كلام كثير .

                                                                                                                              قال (في التحفة) : الداء : "المرض" . والمراد به : ما يعني المرض النفساني : من الجبن ، والحمق ، والعي بالكلام والجماع ، وسوء الخلق ، ونحوها . قال: "والظرف" أعني "له" : صفة له ؛ فالداء الثاني : مرفوع على الخبرية . ومعناه : "البالغ المتناهي" في معنى الدائية . أو متعلق بالثاني . وهو بمعنى العارض. فإن الاسم الجامد [ ص: 439 ] إذا تعلق به ظرف : يؤول بالمشتق . قال البيجوري : أي : كل داء يعرف في الناس ، فهو داء له . لأنه اجتمع فيه : سائر العيوب ، والمصائب .

                                                                                                                              (شجك) بفتح الشين والجيم ، وكسر الكاف : أي "أصابك بشجة في رأسك" . ولفظ النووي : جرحك في الرأس . "فالشجاج" : جراحات الرأس ، والجراح فيه وفي الجسد . انتهى.

                                                                                                                              قال البيجوري : "شجك" أي : إن ضربك : جرحك . بكسر الكاف ، لأنه خطاب لمؤنث ، وهو نفسها . وكذا قوله : (أو فلك) بتشديد اللام : أي كسرك .

                                                                                                                              قال: ويمكن أنها أرادت بالفل: الطرد ، والإبعاد . انتهى .

                                                                                                                              قال النووي : "الفل" : الكسر ، والضرب . ومعناه : أنها معه : بين شج رأس ، وضرب وكسر عضو، أو جمع بينهما .

                                                                                                                              وقيل : المراد بالفل هنا : الخصومة .

                                                                                                                              وعبارة القسطلاني : أي : أصابك بجرح في جسدك ، أو كسرك ، أو ذهب بمالك ، أو قسرك بخصومة .

                                                                                                                              [ ص: 440 ] وزاد ابن السكيت ، في رواية : "أو بجك" بتشديد الجيم. أي : طعنك في جراحتك ، فشقها . والبج : شق القرحة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              الخدمات العلمية