(أناس) بفتح الهمزة . أي : حك . من "النوس" وهو تحرك
[ ص: 454 ] الشيء، متدليا .
قال
النووي : "النوس" : الحركة من كل شيء متدل . يقال منه : "ناس ، ينوس ، نوسا . وأناسه غيره : إناسة" . انتهى.
زاد في "التحفة" : والمراد به: "الإثقال" . فإن الأذن إذا ثقلت : بالقرط ، والشنف: تحركت على التدلي .
(من حلي) بضم الحاء - وتكسر - وتشديد الياء : جمع "حلي" بفتح فسكون . وهو ما : "يتحلى" ، ويتزين به .
ولفظ
النووي : "الحلي" بضم الحاء ، وكسرها : لغتان مشهورتان .
قال
القسطلاني : "أناس من حلي" . أي : ملأ منه (أذني) بتشديد الياء ، على التثنية .
قال
النووي : معناه : حلاني : قرطة ، وشنوفا ؛ فهي تنوس . أي : تتحرك لكثرتها .
ولفظ
القسطلاني : ملأ أذني : من أقراط ، وشنف من ذهب ، ولؤلؤ، حتى تدلى ذلك، واضطرب : من كثرته ، وثقله .
قال وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : "أذني وفرعي" بالتثنية. أي : يديها .
[ ص: 455 ] لأنهما : كالفرعين من الجسد . تريد : "حتى أذني ومعصمي" .
وقال
البيجوري "أذني" بضمتين . أو بضم ، فسكون : مثنى "أذن" مضاف لياء المتكلم الساكنة ، لأجل السجع . والمراد : أنه حرك أذنيها من أجل ما حلاهما به.
وقال في التحفة : "الحلي" : كل ما يتزين به ، من المعدنيات : كالذهب ، والفضة : مثلا . والحلي : يعم "القرط ، والشنف ، والسوار ، والمعضد" وتنكيره: للتكثير . (وملأ من شحم عضدي) بتشديد الياء: تثنية "عضد" . قال في القاموس : بالفتح، وبالضم ، وبالكسر : ككتف ، وندس ، وعنق: ما بين المرفق إلى الكتف . وهما إذا هنا : سمن الجسد كله . نص عليه في "الفائق" .
فذكرها "العضدين" : للسجع . ودلالتهما على الباقي . فكأنها قالت : "أسمنني ، وملأ بدني شحما" . ويقال (لسمينة العضدين ، من النساء) : عضاد. وهن أحب إليهم.
وفي رواية : "لحم" مكان "شحم" ، والمراد : جعلني "سمينة" بالتربية في التنعم .
(وبجحني) بباء وجيم مشددة ، ثم حاء مفتوحة ، ثم نون مكسورة .
[ ص: 456 ] أي : عظمني : "فبجحت) بفتحات ، وسكون تاء : (إلي نفسي) .
قال
النووي : "بجحت ، بكسر الجيم ، وفتحها : لغتان مشهورتان ، أفصحهما : الكسر . قال
الجوهري : الفتح ضعيفة . والياء من "إلي" مشددة . وهو متعلق بمحذوف ، تقديره : "مائلة" .
والمعنى : فرحني ففرحت نفسي ، حال كونها : "مائلة إلي" . أو عظمني فعظمت نفسي ، حال كونها : "مائلة إلي" .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : وعظمني فعظمت عند نفسي . يقال : "فلان يتبجح بكذا" . أي : يتعظم ويفتخر . وقال
القسطلاني : أو فخرني ففخرت . أو وسع علي وترفني
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : "فبجح نفسي فتبجحت إلي نفسي" أي : فرحني ففرحت .
(وجدني في أهل غنيمة) بضم المعجمة : "تصغير غنم" . وأنث على إرادة الجماعة. تقول : إن أهلها كانوا ذوي غنم ، وليسوا أصحاب إبل ، ولا خيل .
و "الغنم" يشمل الضأن ، والمعز . "والتنكير" : للتقليل . أي : في أهل غنم قليلة .
[ ص: 457 ] (بشق) : بكسر الشين عند المحدثين . وبفتحها عند غيرهم من أهل اللغة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : هو بالفتح . والمحدثون يكسرونه . قال : وهو اسم موضع . وقال
الهروي : الصواب الفتح .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : هو بالكسر والفتح . وهو موضع.
أو هو بالكسر . أي مشقة : من ضيق العيش وشظفه ، والجهد . قاله
القتيبي ونفطويه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : هذا عندي أرجح . واختاره أيضا غيره .
قال (في التحفة) : وهو أنسب بالمقام . كما يقتضيه لفظ "غنيمة" . انتهى .
وقيل : "بشق جبل" - أي ناحيته - كانوا يسكنونه لقلتهم ، وقلة غنمهم . قاله
ابن أبي أويس ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13056وابن حبيب.
وبالفتح : شق في الجبل ، كالغار فيه . فحصل ههنا ثلاثة أقوال.
(فجعلني في أهل صهيل) : صوت خيل . وأهل (أطيط) : صوت إبل ، من ثقل حملها .
[ ص: 458 ] وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي "وجامل" . وهو : جمع جمل . أو اسم فاعل "لمالك الجمال" ، كقوله : "لابن وتامر" .
قال
النووي : "الصهيل" : أصوات الخيل . "والأطيط" : أصوات الإبل ، وحنينها . والعرب : لا تعتد بأصحاب الغنم ، وإنما يعتدون بأهل الخيل ، والإبل . زاد (في التحفة) : والعرب تصف النساء "بأنهن لا يرعين الضأن والغنم ، ولا يظهرن في حر السمائم.
وأهل (دائس) . وهو الذي يدوس الزرع في بيدره : ليخرج الحب من السنبل .
قال
الهروي ، وغيره : يقال : "داس الطعام" : درسه .
وقيل "الدائس" : الأندر.
وقال (في التحفة) : "الدائس" : الدابة التي تدوس الحصاد .
(ومنق) بضم الميم ، وفتح النون ، وتشديد القاف . ومنهم : من يكسر النون .
قال
النووي : والصحيح المشهور : فتحها. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : هو
[ ص: 459 ] بفتحها . قال : والمحدثون يكسرونها . ولا أدري ما معناه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : روايتنا فيه : بالفتح . وقاله
"ابن أبي أويس" : بالكسر. وهو من "النقيق" . وهو أصوات المواشي . تصفه : بكثرة أمواله . ويكون "منق" من "أنق" : إذا صار "ذا نقيق" . أو دخل في "النقيق" .
والصحيح (عند الجمهور) : فتحها. والمراد به : "الذي ينقي الطعام" ، أي : يخرجه من تبنه وقشوره . وهذا أجود من قول
الهروي : هو الذي ينقيه بالغربال .
والمقصود : أنه صاحب زرع ، ويدوسه ، وينقيه.
والمعنى : أنه نقلها من شدة العيش وجهده ، إلى الثروة الواسعة : من الخيل ، والإبل ، والزرع.
قال (في التحفة) : "المنقي" : من ينقي الطعام : من العصف . وهذا أظهر . وقال : وفيه : أن "النقيق" : صوت الضفدع ، والدجاجة ، والهرة ، والرخمة ، لا صوت الأنعام . وقد يوجه بأن معناه : جعلني في "أهل منق" يطرد الدجاج ، والرخم : عن الزرع . فإذا طردها : صار "ذا نقيق" . قال : وقد يوجه : "بذابح الطير" . فإن الطير تنق عند الذبح ، فيصير الذابح "ذا نقيق" . انتهى.
[ ص: 460 ] (فعنده) . أي : عند زوجي (أقول) . وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير : "أتكلم" .
(فلا أقبح) بضم الهمزة ، وفتح القاف ، وتشديد الباء ، مبنيا للمفعول . أي : لا يقبح قولي ، فيرد . بل يقبل مني .
قال
القسطلاني : أي : فلا يقول لي : "قبحك الله" . أو لا يقبح قولي : لكثرة إكرامه لي ، لمحبته لي ، ورفعة مكاني عنده .
ولفظ
البيجوري : أي : أتكلم عنده بأي كلام ، فلا ينسبني إلى القبح : لكرامتي عليه ، ولحسن كلامي لديه . فإنه ورد : "حبك الشيء : يعمي ويصم ، أي : يعميك عن : أن تنظر عيوبه ، ويصمك : أن تسمع مثالبه.
قال (في التحفة) : خضت . القول بالذكر : لما أن تقبيح القول ، وإنكاره : كان عارا عندهم . ويفتخرون : بأن قولهم قبل ، ولا يرده أحد. ومنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وكلمة الله هي العليا . قال
الغساني :
وننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول
ولم تذكر "مفعول القول" : إيذانا بأن كل قول تقوله : مقبول عنده .
وقالت : "لا أقبح" مجهولا: لما فيه من الإشعار : بأنه لا يقبحها
[ ص: 461 ] هو، ولا غيره . مع ما فيه من رعاية حسن السجع ، ومراعاة نوع من الطباق ، من حيث الجمع بين : المعروف ، والمجهول .
(وأرقد فأتصبح) أي : أنام "الصبحة" . وهي بعد الصباح . أي : أنها مكفية بمن يخدمها ، فتنام .
ولفظ
القسطلاني : "أنام نوم أول النهار ، فلا أوقظ ؛ لأن لي من يكفيني مؤنة بيتي ، ومهنة أهلي .
وعبارة
البيجوري : "أي : أدخل في الصبح فيرفق بي ، ولا يوقظني لخدمته ومهنته . لأني محبوبة إليه، ومعظمة لديه ، مع استغنائه عني بالخدم : التي تخدمه ، وتخدمني" . والمعاني متقاربة .
زاد (في التحفة) : خصت النوم ، لما أنه يدل على راحة نفسانية وجسمانية ، فإن الإخلال بإحداهما: يخل بالنوم . وقالت : "أتصبح" : لما كان "نوم الصبح" : أحب إليهن . ولذا قيل - في وصف
عائشة بنت طلحة - : إنها كانت نائمة متصبحة . وكان عليها عقد من لآلئ قيمتها : "عشرون ألف دينار" ، فقالت: نومي هذا ، أحب إلي من هذه اللآلئ. ومع هذا ؛ فيه إشعار بكثرة الخوادم ، حيث لا يحتاج إلى إيقاظها . وكانوا يوقظون نساءهم "قبل طلوع الفجر" ، فيخرجون للصيد
[ ص: 462 ] وغيره . انتهى.
(وأشرب) الماء ، أو اللبن ، أو غيره .
(فأتقنح) بالنون ، بعد القاف . هكذا هو في "جميع النسخ" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال بعضهم : "فأتقمح" بالميم . قال : وهو أصح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : هو بالميم . قال : وبعض الناس يرويه بالنون ، ولا أدري ما هذا .
وقال آخرون : النون والميم صحيحتان . فأيهما معناه : أروى، حتى أدع الشراب : من شدة الري .
ومنه : "قمح البعير ، يقمح" : إذا رفع رأسه من الماء بعد الري .
ومن قاله بالنون ، فمعناه : أقطع المشرب، وأتمهل فيه.
وقيل : هو الشرب بعد الري .
قال أهل اللغة : "قنحت الإبل" إذا تكارهت . وتقنحته أيضا. قاله
النووي .
[ ص: 463 ] وقال
القسطلاني : بهمزة مفتوحة ، فقاف منونة مشددة ،
(لأبي ذر) مفتوحات ، فحاء مهملة ؛ أي : أشرب كثيرا ، حتى لا أجد مساغا . أو لا أتقلل من مشروبي ، ولا يقطع علي : حتى تتم شهوتي منه .
وفي رواية
الهيثم : "وآكل فأتمنح" أي : أطعم غيري . يقال : "منحه يمنحه" : إذا أعطاه .
وأتت بالألفاظ كلها بوزن "أتفعل" : لتفيد تكرر ذلك ، وملازمته مرة بعد أخرى . ومطالبة نفسها ، أو غيرها : بذلك . وأغرب
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد فقال : لا أراها قالت : "فأتقمح" إلا لعزة الماء عندهم . أي : فلذلك فخرت بالري من الماء . وتعقب بأن السياق : ليس فيه ذكر الماء؛ فهو محتمل له ، ولغيره من الأشربة .
قيل : فإن لم تثبت رواية
الهيثم : "وآكل فأتمنح" ؛ ففي اقتصارها على ذكر الشرب : إشارة إلى أن المراد به : "اللبن" ، لأنه هو الذي يقوم مقام الطعام والشراب .
ولغير
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر : "فأتقمح" بالميم ، بدل النون ، كما ذكره المصنف
[ ص: 464 ] - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - عن بعضهم . وقال : إنها أصح . فقول
nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : إنه لم يقع في الصحيحين إلا بالنون ، ورواه الأكثر في غيرهما بالميم : لا يخفى ما فيه . انتهى.
قال
البيجوري : والمعنى : أنها لم تتألم منه لا من جهة المرقد، ولا من جهة المشرب . وإنما لم تذكر المأكل ؛ لأن الشرب مترتب عليه ، فيعلم منه . أو لأنه قد علم مما سبق . انتهى.
قلت : ويحتمل أن يكون "أشرب" : من الشراب . ويفهم منه عند الإطلاق : الماء فقط.
"وأتقمح" بالميم : من القمح ، وهو الحنطة . والمعنى: أني أشرب : شربا سائغا ، وآكل أكلا ذريعا ، ولا ضيق علي في طعام ولا في شراب ، بل هما حاصلان لي في أرغد عيش وأطيب حياة . ولكن لا يقبل هذا الاحتمال : حتى يشهد له قول من أهل اللغة ، أو علماء الفقه والحديث .
(أم أبي زرع ) . لما مدحت
"أبا زرع" : انتقلت إلى مدح "أمه" ، مع ما جبل عليه النساء : من كراهة "أم الزوج" غالبا ، إعلاما بأنها : في نهاية حسن الخلق ، وكمال الإنصاف . (فما
أم أبي زرع ؟) الفاء
[ ص: 465 ] للتعقيب . تعني : أنها دونه، وشأنها دون شأنه. قال (في التحفة) : ومثلها : الفاءات الآتية .
قال
البيجوري : استفهام تعظيم وتفخيم . وقرنته بالفاء هنا : لأنه متسبب عن التعجب من ولدها "
أبي زرع " . (عكومها) : بضم العين ، والكاف ، والميم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد ، وغيره : "العكوم" : الأعدال ، والأوعية : التي فيها الطعام ، والأمتعة . واحدها : "عكم" بكسر العين .
وفي
القسطلاني : أي : أعدالها، وغرائرها: التي تجمع فيها أمتعتها . أو نمطها : الذي تجعل فيه ذخيرتها . ذكره في القاموس ، وغيره .
وقال (في التحفة) : "العكوم" جمع "عكم" ، بمعنى : "الكارة" . وهو المقدار المعلوم من الطعام ، وما يحمل على الظهر من الثياب . لا جمع "عكم" بمعنى العذل ، فإنه يجمع على "أعكام" . نص عليه في "القاموس" .
قال: والقول بأن المراد بها : "أكفالها" بعيد جدا ؛ فإن ثقل الأكفال يوصف به "الحسان من النساء" . والرجل لا يوصف "بحسن الأم" . على
[ ص: 466 ] أنه: لا تناسب بين ثقل الأكفال، (وفسحة البيت المراد بها : كثرة الأضياف) . ولابد في العطف بالواو من ذلك. انتهى.
(رداح) بفتح الراء ، والدال . أي : "عكومها كلها" رداح ثقيلة ، فوصفها "بالثقل" : لكثرة ما فيها من المتاع ، والثياب . وقال (في النهاية) : أي : "ثقيلة الكفل" .
قال
النووي : "رداح" أي : عظام كبيرة . ومنه قيل للمرأة : "رداح" ، إذا كانت "عظيمة الأكفال" . فإن قيل : "رداح مفردة" ، فكيف وصف بها "العكوم" ، والجمع لا يجوز وصفه بالمفرد ؟ فجوابه : "ما قال عياض" ؛ أنه أراد : "كل عكم" منها : رداح . أو يكون "رداح" هنا : مصدرا ، كالذهاب . انتهى.
قال
البيجوري : "الرداح" بفتح أوله ، وروي "بكسره" : العظيمة ، الثقيلة ، الكثيرة . قال (في التحفة) : "الرداح" بالمهملات
[ ص: 467 ] الثلاث: "كسحاب" : المرأة الثقيلة الأوراك ، والكبش الضخم الإلية ، والجفنة العظيمة ، والجمل المثقل حملا.
قال: فإن أخذ "بأحد هذه المعاني" ؛ ففيه تشبيه . ووجه الشبه : هو الثقل . وحمله "على العكوم" : حمل المشبه به على المشبه . كما في "زيد أسد" .
وإن أخذ بمعنى "الثقيلة العظيمة" - ويقع على المؤنث الواحد - ؛ فحمله عليه : من حيث إنه "جمع ما لا يعقل" ، وله حكم الواحد المؤنث . ولذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18من آيات ربه الكبرى .
(وبيتها فساح) : بفتح الفاء وتخفيف السين . أي : واسع كبير .
و "الفسيح" مثله . هكذا فسره الجمهور .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : يحتمل أنها أرادت : كثرة الخير ، والنعمة .
قال
البيجوري : "فساح" ، أي : وسيع . "وسعة البيت" : دليل لسعة الثروة ، وسبوغ النعمة.
وفي رواية : "فياح" ، بفتح الفاء . وهو بمعنى الرواية الأولى . أي : واسع. قال: فالمآل واحد . انتهى.
وقال (في التحفة) : "الفساح ، بالضم : أبلغ من "الفسيح" ،
[ ص: 468 ] كالطوال "من الطويل" ، والكبار "من الكبير" . وفسحة البيت ، والدار ، والفناء . يكنى بها عن : "كثرة الأضياف" .
تقول :
"أم أبي زرع " ، كاراتها ثقيلة ؛ لا ترفع عن الأرض ، ولا تحمل على حامل . أو كثقيلة الأكفال : لا تستطيع القيام دون التكلف . أو كجفنة عظيمة : تحوي ثريدا كثيرا ، ولا تبرح مكانها . أو ككبش ضخم الإلية : يشق عليه المشي . أو كجمل مثقل : كل) عن السير . فهي (ذات وجد ووسع) : تنزل عليها الأضياف ، وتسكن إليها اليتامى والأرامل . فهي ذات خير وكرم .
وصفتها : "بكثرة الطعام" أولا ، لما أنها : ملاك كثرة الإطعام . ثم وصفتها: "بكثرة الإطعام والقرى" ، لما أنها : خلاف ما خلقت عليه النساء ؛ من اللوم والبخل، حتى إنهن يأمرن أزواجهن : بالإمساك . ويلمنهم : على البذل ، والإسراف .
وفيه : رمز إلى أن "شيمة
أبي زرع " : أثرت فيها ، وأنه كان جوادا في بطن أمه. وفي نفس وصفها: إيماء إلى أنها كانت تحسن إليها، وتريحها . على خلاف ما تفعل النساء بأزواج الأبناء . انتهى.
قال
القسطلاني : والحاصل : أنها وصفت "والدة زوجها" : بكثرة
[ ص: 469 ] الآلات ، والأثاث ، والقماش . وأنها : واسعة المال ، كبيرة المنزل : لبر ابنها "
أبي زرع " لها . وأنه : لم يطعن في السن ؛ لأن ذلك هو الغالب فيمن يكون له والدة . انتهى.
وهذا معنى قول التحفة : "وفي نفس ذكر الأم" : إيماء خفي إلى أن
"أبا زريع" شاب ؛ لما أن الغالب فيمن يكون أمه حية : أن يكون شابا . ولا محل للإيراد ، فإن المقام خطابي .
و (ابن
أبي زرع ) : ولم يسم . (فما ابن
أبي زرع ؟) .
لما مدحت
"أبا زرع" وأمه : انتقلت إلى مدح "ابنه" . أي : فأي شيء ابن
أبي زرع ؟ والمقصود منه : التعظيم ، والتفخيم ، كما تقدم .
(أَنَاسَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . أَيْ : حَكَّ . مِنَ "النَّوَسِ" وَهُوَ تَحَرُّكُ
[ ص: 454 ] الشَّيْءِ، مُتَدَلِّيًا .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : "النَّوَسُ" : الْحَرَكَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُتَدَلٍّ . يُقَالُ مِنْهُ : "نَاسَ ، يَنُوسُ ، نَوْسًا . وَأَنَاسَهُ غَيْرُهُ : إِنَاسَةً" . انْتَهَى.
زَادَ فِي "التُّحْفَةِ" : وَالْمُرَادُ بِهِ: "الْإِثْقَالُ" . فَإِنَّ الْأُذُنَ إِذَا ثَقُلَتْ : بِالْقُرْطِ ، وَالشَّنْفِ: تَحَرَّكَتْ عَلَى التَّدَلِّي .
(مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ - وَتُكْسَرُ - وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ : جَمْعُ "حَلْيٍ" بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ . وَهُوَ مَا : "يُتَحَلَّى" ، وَيُتَزَيَّنُ بِهِ .
وَلَفْظُ
النَّوَوِيِّ : "الْحُلِيُّ" بِضَمِّ الْحَاءِ ، وَكَسْرِهَا : لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ .
قَالَ
الْقَسْطَلَانِيُّ : "أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ" . أَيْ : مَلَأَ مِنْهُ (أُذُنَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، عَلَى التَّثْنِيَةِ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : مَعْنَاهُ : حَلَّانِي : قُرْطَةً ، وَشُنُوفًا ؛ فَهِيَ تَنُوسُ . أَيْ : تَتَحَرَّكُ لِكَثْرَتِهَا .
وَلَفْظُ
الْقَسْطَلَانِيِّ : مَلَأَ أُذُنَيَّ : مِنْ أَقْرَاطٍ ، وَشُنُفٍ مِنْ ذَهَبٍ ، وَلُؤْلُؤٍ، حَتَّى تَدَلَّى ذَلِكَ، وَاضْطَرَبَ : مِنْ كَثْرَتِهِ ، وَثِقَلِهِ .
قَالَ وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنِ السِّكِّيتِ : "أُذُنَيَّ وَفَرْعَيَّ" بِالتَّثْنِيَةِ. أَيْ : يَدَيْهَا .
[ ص: 455 ] لِأَنَّهُمَا : كَالْفَرْعَيْنِ مِنَ الْجَسَدِ . تُرِيدُ : "حَتَّى أُذُنَيَّ وَمِعْصَمَيَّ" .
وَقَالَ
الْبَيْجُورِيُّ "أُذُنِيَّ" بِضَمَّتَيْنِ . أَوْ بِضَمٍّ ، فَسُكُونٍ : مُثَنَّى "أُذُنٍ" مُضَافٌ لِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ السَّاكِنَةِ ، لِأَجْلِ السَّجْعِ . وَالْمُرَادُ : أَنَّهُ حَرَّكَ أُذُنَيْهَا مِنْ أَجْلِ مَا حَلَّاهُمَا بِهِ.
وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ : "الْحُلِيُّ" : كَلُّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ ، مِنَ الْمَعْدِنِيَّاتِ : كَالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ : مَثَلًا . وَالْحُلِيُّ : يَعُمُّ "الْقُرْطَ ، وَالشَّنَفَ ، وَالسُّوَارَ ، وَالْمِعْضَدَ" وَتَنْكِيرُهُ: لِلتَّكْثِيرِ . (وَمَلَأَ مِنْ شَحْمِ عَضُدَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: تَثْنِيَةُ "عَضُدٍ" . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : بِالْفَتْحِ، وَبِالضَّمِّ ، وَبِالْكَسْرِ : كَكَتِفٍ ، وَنَدِسٍ ، وَعُنُقٍ: مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إِلَى الْكَتِفِ . وَهُمَا إِذًا هُنَا : سَمِنَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . نَصَّ عَلَيْهِ فِي "الْفَائِقِ" .
فَذَكَّرَهَا "الْعَضُدَيْنِ" : لِلسَّجْعِ . وَدِلَالَتُهُمَا عَلَى الْبَاقِي . فَكَأَنَّهَا قَالَتْ : "أَسْمَنَنِي ، وَمَلَأَ بَدَنِي شَحْمًا" . وَيُقَالُ (لِسَمِينَةِ الْعَضُدَيْنِ ، مِنَ النِّسَاءِ) : عِضَادٌ. وَهُنَّ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ : "لَحْمٌ" مَكَانَ "شَحْمٍ" ، وَالْمُرَادُ : جَعَلَنِي "سَمِينَةً" بِالتَّرْبِيَةِ فِي التَّنَعُّمِ .
(وَبَجَّحَنِي) بِبَاءٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ ، ثُمَّ حَاءٍ مَفْتُوحَةٍ ، ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ .
[ ص: 456 ] أَيْ : عَظَّمَنِي : "فَبَجَحَتْ) بِفَتَحَاتٍ ، وَسُكُونِ تَاءٍ : (إِلَيَّ نَفْسِي) .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : "بَجِحَتْ ، بِكَسْرِ الْجِيمِ ، وَفَتْحِهَا : لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ، أَفْصَحُهُمَا : الْكَسْرُ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الْفَتْحُ ضَعِيفَةٌ . وَالْيَاءُ مِنْ "إِلَيَّ" مُشَدَّدَةٌ . وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ، تَقْدِيرُهُ : "مَائِلَةٌ" .
وَالْمَعْنَى : فَرَّحَنِي فَفَرِحَتْ نَفْسِي ، حَالَ كَوْنِهَا : "مَائِلَةً إِلَيَّ" . أَوْ عَظَّمَنِي فَعَظُمَتْ نَفْسِي ، حَالَ كَوْنِهَا : "مَائِلَةً إِلَيَّ" .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : وَعَظَّمَنِي فَعَظُمْتُ عِنْدَ نَفْسِي . يُقَالُ : "فُلَانٌ يَتَبَجَّحُ بِكَذَا" . أَيْ : يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ . وَقَالَ
الْقَسْطَلَانِيُّ : أَوْ فَخَّرَنِي فَفَخَرْتُ . أَوْ وَسَّعَ عَلَيَّ وَتَرَّفَنِي
وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ : "فَبَجَّحَ نَفْسِي فَتَبَجَّحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي" أَيْ : فَرَّحَنِي فَفَرِحْتُ .
(وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ) بِضَمّ الْمُعْجَمَةِ : "تَصْغِيرُ غَنَمٍ" . وَأَنَّثَ عَلَى إِرَادَةِ الْجَمَاعَةِ. تَقُولُ : إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ذَوِي غَنَمٍ ، وَلَيْسُوا أَصْحَابَ إِبِلٍ ، وَلَا خَيْلٍ .
وَ "الْغَنَمُ" يَشْمَلُ الضَّأْنَ ، وَالْمَعِزَ . "وَالتَّنْكِيرُ" : لِلتَّقْلِيلِ . أَيْ : فِي أَهْلِ غَنَمٍ قَلِيلَةٍ .
[ ص: 457 ] (بِشِقٍّ) : بِكَسْرِ الشِّينِ عِنْدَ الْمُحْدَثِينَ . وَبِفَتْحِهَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ : هُوَ بِالْفَتْحِ . وَالْمُحْدَثُونَ يَكْسِرُونَهُ . قَالَ : وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ . وَقَالَ
الْهَرَوِيُّ : الصَّوَابُ الْفَتْحُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ . وَهُوَ مَوْضِعٌ.
أَوْ هُوَ بِالْكَسْرِ . أَيْ مَشَقَّةٌ : مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وَشَظَفِهِ ، وَالْجُهْدُ . قَالَهُ
الْقُتَيْبِيُّ وَنَفْطَوَيْهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961عِيَاضٌ : هَذَا عِنْدِي أَرْجَحُ . وَاخْتَارَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ .
قَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : وَهُوَ أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ . كَمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ "غُنَيْمَةَ" . انْتَهَى .
وَقِيلَ : "بِشَقِّ جَبَلٍ" - أَيْ نَاحِيَتِهِ - كَانُوا يَسْكُنُونَهُ لِقِلَّتِهِمْ ، وَقِلَّةِ غَنَمِهِمْ . قَالَهُ
ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13056وَابْنُ حَبِيبٍ.
وَبِالْفَتْحِ : شَقٌّ فِي الْجَبَلِ ، كَالْغَارِ فِيهِ . فَحَصَلَ هَهُنَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
(فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ) : صَوْتُ خَيْلٍ . وَأَهْلِ (أَطِيطٍ) : صَوْتُ إِبِلٍ ، مِنْ ثِقَلِ حَمْلِهَا .
[ ص: 458 ] وَزَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ "وَجَامِلٍ" . وَهُوَ : جَمْعُ جَمَلٍ . أَوِ اسْمُ فَاعِلٍ "لِمَالِكِ الْجِمَالِ" ، كَقَوْلِهِ : "لَابِنٌ وَتَامِرٌ" .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : "الصَّهِيلُ" : أَصْوَاتُ الْخَيْلِ . "وَالْأَطِيطُ" : أَصْوَاتُ الْإِبِلِ ، وَحَنِينُهَا . وَالْعَرَبُ : لَا تَعْتَدُّ بِأَصْحَابِ الْغَنَمِ ، وَإِنَّمَا يَعْتَدُّونَ بِأَهْلِ الْخَيْلِ ، وَالْإِبِلِ . زَادَ (فِي التُّحْفَةِ) : وَالْعَرَبُ تَصِفُ النِّسَاءَ "بِأَنَّهُنَّ لَا يَرْعَيْنَ الضَّأْنَ وَالْغَنَمَ ، وَلَا يُظْهِرْنَ فِي حَرِّ السَّمَائِمِ.
وَأَهْلُ (دَائِسٍ) . وَهُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْعَ فِي بَيْدَرِهِ : لِيُخْرِجَ الْحَبَّ مِنَ السُّنْبُلِ .
قَالَ
الْهَرَوِيُّ ، وَغَيْرُهُ : يُقَالُ : "دَاسَ الطَّعَامَ" : دَرَّسَهُ .
وَقِيلَ "الدَّائِسُ" : الْأَنْدَرُ.
وَقَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : "الدَّائِسُ" : الدَّابَّةُ الَّتِي تَدُوسُ الْحَصَادَ .
(وَمُنَقٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَفَتْحِ النُّونِ ، وَتَشْدِيدِ الْقَافِ . وَمِنْهُمْ : مَنْ يَكْسِرُ النُّونَ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ : فَتْحُهَا. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ : هُوَ
[ ص: 459 ] بِفَتْحِهَا . قَالَ : وَالْمُحَدِّثُونَ يَكْسِرُونَهَا . وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَاهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961عِيَاضٌ : رِوَايَتُنَا فِيهِ : بِالْفَتْحِ . وَقَالَهُ
"ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ" : بِالْكَسْرِ. وَهُوَ مِنَ "النَّقِيقِ" . وَهُوَ أَصْوَاتُ الْمَوَاشِي . تَصِفُهُ : بِكَثْرَةِ أَمْوَالِهِ . وَيَكُونُ "مُنَقٍّ" مِنْ "أَنَقَّ" : إِذَا صَارَ "ذَا نَقِيقٍ" . أَوْ دَخَلَ فِي "النَّقِيقِ" .
وَالصَّحِيحُ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) : فَتْحُهَا. وَالْمُرَادُ بِهِ : "الَّذِي يُنَقِّي الطَّعَامَ" ، أَيْ : يُخْرِجُهُ مِنْ تِبْنِهِ وَقُشُورِهِ . وَهَذَا أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ
الْهَرَوِيِّ : هُوَ الَّذِي يُنَقِّيهِ بِالْغِرْبَالِ .
وَالْمَقْصُودُ : أَنَّهُ صَاحِبُ زَرْعٍ ، وَيَدُوسُهُ ، وَيُنَقِّيهِ.
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ شَدَّةِ الْعَيْشِ وَجُهْدِهِ ، إِلَى الثَّرْوَةِ الْوَاسِعَةِ : مِنَ الْخَيْلِ ، وَالْإِبِلِ ، وَالزَّرْعِ.
قَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : "الْمُنَقِّي" : مَنْ يُنَقِّي الطَّعَامَ : مِنَ الْعَصْفِ . وَهَذَا أَظْهَرُ . وَقَالَ : وَفِيهِ : أَنَّ "النَّقِيقَ" : صَوْتُ الضُّفْدَعِ ، وَالدَّجَاجَةِ ، وَالْهِرَّةِ ، وَالرَّخْمَةِ ، لَا صَوْتُ الْأَنْعَامِ . وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ : جَعَلَنِي فِي "أَهْلِ مُنَقٍّ" يَطْرُدُ الدَّجَاجَ ، وَالرَّخْمَ : عَنِ الزَّرْعِ . فَإِذَا طَرَدَهَا : صَارَ "ذَا نَقِيقٍ" . قَالَ : وَقَدْ يُوَجَّهُ : "بِذَابِحِ الطَّيْرِ" . فَإِنَّ الطَّيْرَ تَنِقُّ عِنْدَ الذَّبْحِ ، فَيَصِيرُ الذَّابِحُ "ذَا نَقِيقٍ" . انْتَهَى.
[ ص: 460 ] (فَعِنْدَهُ) . أَيْ : عِنْدَ زَوْجِي (أَقُولُ) . وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرِ : "أَتَكَلَّمُ" .
(فَلَا أُقَبَّحُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ، وَفَتْحِ الْقَافِ ، وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . أَيْ : لَا يُقَبَّحُ قَوْلِي ، فَيُرَدُّ . بَلْ يُقْبَلُ مِنِّي .
قَالَ
الْقَسْطَلَانِيُّ : أَيْ : فَلَا يَقُولُ لِي : "قَبَّحَكَ اللَّهُ" . أَوْ لَا يُقَبَّحُ قَوْلِي : لِكَثْرَةِ إِكْرَامِهِ لِي ، لِمَحَبَّتِهِ لِي ، وَرِفْعَةِ مَكَانِي عِنْدَهُ .
وَلَفْظُ
الْبَيْجُورِيِّ : أَيْ : أَتَكَلَّمُ عِنْدَهُ بِأَيِّ كَلَامٍ ، فَلَا يَنْسِبُنِي إِلَى الْقُبْحِ : لِكَرَامَتِي عَلَيْهِ ، وَلِحُسْنِ كَلَامِي لَدَيْهِ . فَإِنَّهُ وَرَدَ : "حُبُّكَ الشَّيْءَ : يُعْمِي وَيُصِمُّ ، أَيْ : يُعْمِيكَ عَنْ : أَنْ تَنْظُرَ عُيُوبَهُ ، وَيُصِمُّكَ : أَنْ تَسْمَعَ مَثَالِبَهُ.
قَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : خُضْتُ . الْقَوْلُ بِالذِّكْرِ : لِمَا أَنَّ تَقْبِيحَ الْقَوْلِ ، وَإِنْكَارَهُ : كَانَ عَارًا عِنْدَهُمْ . وَيَفْتَخِرُونَ : بِأَنَّ قَوْلَهُمْ قُبِلَ ، وَلَا يَرُدُّهُ أَحَدٌ. وَمِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا . قَالَ
الْغَسَّانِيُّ :
وَنُنْكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُمْ وَلَا يُنْكِرُونَ الْقَوْلَ حِينَ نَقُولُ
وَلَمْ تَذْكُرْ "مَفْعُولَ الْقَوْلِ" : إِيذَانًا بِأَنَّ كُلَّ قَوْلٍ تَقُولُهُ : مَقْبُولٌ عِنْدَهُ .
وَقَالَتْ : "لَا أُقَبَّحُ" مَجْهُولًا: لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِشْعَارِ : بِأَنَّهُ لَا يُقَبِّحُهَا
[ ص: 461 ] هُوَ، وَلَا غَيْرُهُ . مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِعَايَةِ حُسْنِ السَّجْعِ ، وَمُرَاعَاةِ نَوْعٍ مِنَ الطِّبَاقِ ، مِنْ حَيْثُ الْجَمْعِ بَيْنَ : الْمَعْرُوفِ ، وَالْمَجْهُولِ .
(وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ) أَيْ : أَنَامُ "الصُّبْحَةَ" . وَهِيَ بَعْدَ الصَّبَاحِ . أَيْ : أَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِمَنْ يَخْدِمُهَا ، فَتَنَامُ .
وَلَفْظُ
الْقَسْطَلَانِيِّ : "أَنَامُ نَوْمَ أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَلَا أُوقَظُ ؛ لِأَنَّ لِي مَنْ يَكْفِينِي مُؤْنَةَ بَيْتِي ، وَمِهْنَةَ أَهْلِي .
وَعِبَارَةُ
الْبَيْجُورِيِّ : "أَيْ : أَدْخُلُ فِي الصُّبْحِ فَيَرْفُقُ بِي ، وَلَا يُوقِظُنِي لِخِدْمَتِهِ وَمِهْنَتِهِ . لِأَنِّي مَحْبُوبَةٌ إِلَيْهِ، وَمُعَظَّمَةٌ لَدَيْهِ ، مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنِّي بِالْخَدَمِ : الَّتِي تَخْدِمُهُ ، وَتَخْدِمُنِي" . وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ .
زَادَ (فِي التُّحْفَةِ) : خَصَّتِ النَّوْمَ ، لِمَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رَاحَةٍ نَفْسَانِيَّةٍ وَجُسْمَانِيَّةٍ ، فَإِنَّ الْإِخْلَالَ بِإِحْدَاهُمَا: يُخِلُّ بِالنَّوْمِ . وَقَالَتْ : "أَتَصَبَّحُ" : لَمَّا كَانَ "نَوْمُ الصُّبْحِ" : أَحَبَّ إِلَيْهِنَّ . وَلِذَا قِيلَ - فِي وَصْفِ
عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ - : إِنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً مُتَصَبِّحَةً . وَكَانَ عَلَيْهَا عِقْدٌ مِنْ لَآلِئَ قِيمَتُهَا : "عِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ" ، فَقَالَتْ: نَوْمِي هَذَا ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذِهِ اللَّآلِئِ. وَمَعَ هَذَا ؛ فِيهِ إِشْعَارٌ بِكَثْرَةِ الْخَوَادِمِ ، حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِيقَاظِهَا . وَكَانُوا يُوقِظُونَ نِسَاءَهُمْ "قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ" ، فَيَخْرُجُونَ لِلصَّيْدِ
[ ص: 462 ] وَغَيْرِهِ . انْتَهَى.
(وَأَشْرَبُ) الْمَاءَ ، أَوِ اللَّبَنَ ، أَوْ غَيْرَهُ .
(فَأَتَقَنَّحُ) بِالنُّونِ ، بَعْدَ الْقَافِ . هَكَذَا هُوَ فِي "جَمِيعِ النُّسَخِ" . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : قَالَ بَعْضُهُمْ : "فَأَتَقَمَّحُ" بِالْمِيمِ . قَالَ : وَهُوَ أَصَحُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ : هُوَ بِالْمِيمِ . قَالَ : وَبَعْضُ النَّاسِ يَرْوِيهِ بِالنُّونِ ، وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا .
وَقَالَ آخَرُونَ : النُّونُ وَالْمِيمُ صَحِيحَتَانِ . فَأَيُّهُمَا مَعْنَاهُ : أُرْوَى، حَتَّى أَدَعَ الشَّرَابَ : مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ .
وَمِنْهُ : "قَمَحَ الْبَعِيرُ ، يَقْمَحُ" : إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ الرِّيِّ .
وَمَنْ قَالَهُ بِالنُّونِ ، فَمَعْنَاهُ : أَقْطَعُ الْمَشْرَبَ، وَأَتَمَهَّلُ فِيهِ.
وَقِيلَ : هُوَ الشُّرْبُ بَعْدَ الرِّيِّ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : "قَنَحَتِ الْإِبِلُ" إِذَا تَكَارَهَتْ . وَتَقَنَّحَتْهُ أَيْضًا. قَالَهُ
النَّوَوِيُّ .
[ ص: 463 ] وَقَالَ
الْقَسْطَلَانِيُّ : بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ ، فَقَافٍ مُنَوَّنَةٍ مُشَدَّدَةٍ ،
(لِأَبِي ذَرٍّ) مَفْتُوحَاتٍ ، فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ؛ أَيْ : أَشْرَبُ كَثِيرًا ، حَتَّى لَا أَجِدَ مُسَاغًا . أَوْ لَا أَتَقَلَّلُ مِنْ مَشْرُوبِي ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَيَّ : حَتَّى تَتِمَّ شَهْوَتِي مِنْهُ .
وَفِي رِوَايَةِ
الْهَيْثَمِ : "وَآكُلُ فَأَتَمَنَّحُ" أَيْ : أُطْعِمُ غَيْرِي . يُقَالُ : "مَنَحَهُ يَمْنَحُهُ" : إِذَا أَعْطَاهُ .
وَأَتَتْ بِالْأَلْفَاظِ كُلِّهَا بِوَزْنِ "أَتَفَعَّلُ" : لِتُفِيدَ تَكَرُّرَ ذَلِكَ ، وَمُلَازَمَتَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى . وَمُطَالَبَةَ نَفْسِهَا ، أَوْ غَيْرِهَا : بِذَلِكَ . وَأَغْرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ : لَا أَرَاهَا قَالَتْ : "فَأَتَقَمَّحُ" إِلَّا لِعِزَّةِ الْمَاءِ عِنْدَهُمْ . أَيْ : فَلِذَلِكَ فَخَرَتْ بِالرِّيِّ مِنَ الْمَاءِ . وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ السِّيَاقَ : لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَاءِ؛ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَهُ ، وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأَشْرِبَةِ .
قِيلَ : فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ رِوَايَةُ
الْهَيْثَمِ : "وَآكُلُ فَأَتَمَنَّحُ" ؛ فَفِي اقْتِصَارِهَا عَلَى ذِكْرِ الشُّرْبِ : إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ : "اللَّبَنُ" ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ .
وَلِغَيْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ : "فَأَتَقَمَّحُ" بِالْمِيمِ ، بَدَلَ النُّونِ ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
[ ص: 464 ] - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ - عَنْ بَعْضِهِمْ . وَقَالَ : إِنَّهَا أَصَحُّ . فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14961عِيَاضٍ : إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا بِالنُّونِ ، وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمَا بِالْمِيمِ : لَا يَخْفَى مَا فِيهِ . انْتَهَى.
قَالَ
الْبَيْجُورِيُّ : وَالْمَعْنَى : أَنَّهَا لَمْ تَتَأَلَّمْ مِنْهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْمَرْقَدِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْمَشْرَبِ . وَإِنَّمَا لَمْ تَذْكُرِ الْمَأْكَلَ ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ ، فَيُعْلَمُ مِنْهُ . أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ . انْتَهَى.
قُلْتُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "أَشْرَبُ" : مِنَ الشَّرَابِ . وَيَفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ : الْمَاءُ فَقَطْ.
"وَأَتَقَمَّحُ" بِالْمِيمِ : مِنَ الْقَمْحِ ، وَهُوَ الْحِنْطَةُ . وَالْمَعْنَى: أَنِّي أَشْرَبُ : شُرْبًا سَائِغًا ، وَآكُلُ أَكْلًا ذَرِيعًا ، وَلَا ضِيقَ عَلَيَّ فِي طَعَامٍ وَلَا فِي شَرَابٍ ، بَلْ هُمَا حَاصِلَانِ لِي فِي أَرْغَدِ عَيْشٍ وَأَطْيَبِ حَيَاةٍ . وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ هَذَا الِاحْتِمَالُ : حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ قَوْلٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ، أَوْ عُلَمَاءِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ .
(أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ) . لَمَّا مَدَحَتْ
"أَبَا زَرْعٍ" : انْتَقَلَتْ إِلَى مَدْحِ "أُمِّهِ" ، مَعَ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ : مِنْ كَرَاهَةِ "أُمِّ الزَّوْجِ" غَالِبًا ، إِعْلَامًا بِأَنَّهَا : فِي نِهَايَةِ حُسْنِ الْخُلُقِ ، وَكَمَالِ الْإِنْصَافِ . (فَمَا
أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ؟) الْفَاءُ
[ ص: 465 ] لِلتَّعْقِيبِ . تَعْنِي : أَنَّهَا دُونَهُ، وَشَأْنُهَا دُونَ شَأْنِهِ. قَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : وَمِثْلُهَا : الْفَاءَاتُ الْآتِيَةُ .
قَالَ
الْبَيْجُورِيُّ : اسْتِفْهَامُ تَعْظِيمٍ وَتَفْخِيمٍ . وَقَرَنَتْهُ بِالْفَاءِ هُنَا : لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ عَنِ التَّعَجُّبِ مِنْ وَلَدِهَا "
أَبِي زَرْعٍ " . (عُكُومُهَا) : بِضَمِّ الْعَيْنِ ، وَالْكَافِ ، وَالْمِيمِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ ، وَغَيْرُهُ : "الْعُكُومُ" : الْأَعْدَالُ ، وَالْأَوْعِيَةُ : الَّتِي فِيهَا الطَّعَامُ ، وَالْأَمْتِعَةُ . وَاحِدُهَا : "عِكْمٌ" بِكَسْرِ الْعَيْنِ .
وَفِي
الْقَسْطَلَانِيِّ : أَيْ : أَعْدَالُهَا، وَغَرَائِرُهَا: الَّتِي تَجْمَعُ فِيهَا أَمْتِعَتَهَا . أَوْ نَمَطُهَا : الَّذِي تَجْعَلُ فِيهِ ذَخِيرَتَهَا . ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ ، وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : "الْعُكُومُ" جَمْعُ "عِكْمٍ" ، بِمَعْنَى : "الْكَارَّةُ" . وَهُوَ الْمِقْدَارُ الْمَعْلُومُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَمَا يُحْمَلُ عَلَى الظَّهْرِ مِنَ الثِّيَابِ . لَا جَمْعُ "عِكْمٍ" بِمَعْنَى الْعَذْلِ ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى "أَعْكَامٍ" . نُصَّ عَلَيْهِ فِي "الْقَامُوسِ" .
قَالَ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا : "أَكْفَالُهَا" بَعِيدٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ ثِقَلَ الْأَكْفَالِ يُوصَفُ بِهِ "الْحِسَانُ مِنَ النِّسَاءِ" . وَالرَّجُلُ لَا يُوصَفُ "بِحُسْنِ الْأُمِّ" . عَلَى
[ ص: 466 ] أَنَّهُ: لَا تَنَاسُبَ بَيْنَ ثِقَلِ الْأَكْفَالِ، (وَفُسْحَةِ الْبَيْتِ الْمُرَادُ بِهَا : كَثْرَةُ الْأَضْيَافِ) . وَلَابُدَّ فِي الْعَطْفِ بِالْوَاوِ مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى.
(رَدَاحٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَالدَّالِ . أَيْ : "عُكُومُهَا كُلُّهَا" رَدَاحٌ ثَقِيلَةٌ ، فَوَصَفَهَا "بِالثِّقْلِ" : لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ ، وَالثِّيَابِ . وَقَالَ (فِي النِّهَايَةِ) : أَيْ : "ثَقِيلَةُ الْكِفْلِ" .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : "رَدَاحٌ" أَيْ : عِظَامٌ كَبِيرَةٌ . وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ : "رَدَاحٌ" ، إِذَا كَانَتْ "عَظِيمَةَ الْأَكْفَالِ" . فَإِنْ قِيلَ : "رَدَاحٌ مُفْرَدَةٌ" ، فَكَيْفَ وَصَفَ بِهَا "الْعُكُومَ" ، وَالْجَمْعُ لَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْمُفْرَدِ ؟ فَجَوَابُهُ : "مَا قَالَ عِيَاضٌ" ؛ أَنَّهُ أَرَادَ : "كُلَّ عِكْمٍ" مِنْهَا : رَدَاحٌ . أَوْ يَكُونُ "رَدَاحٌ" هُنَا : مَصْدَرًا ، كَالذَّهَابِ . انْتَهَى.
قَالَ
الْبَيْجُورِيُّ : "الرَّدَاحُ" بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ، وَرُوِيَ "بِكَسْرِهِ" : الْعَظِيمَةُ ، الثَّقِيلَةُ ، الْكَثِيرَةُ . قَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : "الرَّدَاحُ" بِالْمُهْمَلَاتِ
[ ص: 467 ] الثَّلَاثُ: "كَسَحَابٍ" : الْمَرْأَةُ الثَّقِيلَةُ الْأَوْرَاكِ ، وَالْكَبْشُ الضَّخْمُ الْإِلْيَةُ ، وَالْجَفْنَةُ الْعَظِيمَةُ ، وَالْجَمَلُ الْمُثْقَلُ حِمْلًا.
قَالَ: فَإِنْ أُخِذَ "بِأَحَدِ هَذِهِ الْمَعَانِي" ؛ فَفِيهِ تَشْبِيهٌ . وَوَجْهُ الشَّبَهِ : هُوَ الثِّقَلُ . وَحَمْلُهُ "عَلَى الْعُكُومِ" : حَمْلُ الْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى الْمُشَبَّهِ . كَمَا فِي "زَيْدٌ أَسَدٌ" .
وَإِنْ أُخِذَ بِمَعْنَى "الثَّقِيلَةِ الْعَظِيمَةِ" - وَيَقَعُ عَلَى الْمُؤَنَّثِ الْوَاحِدِ - ؛ فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ : مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ "جَمَعَ مَا لَا يُعْقَلُ" ، وَلَهُ حُكْمُ الْوَاحِدِ الْمُؤَنَّثِ . وَلِذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى .
(وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ) : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ . أَيْ : وَاسِعٌ كَبِيرٌ .
وَ "الْفَسِيحُ" مِثْلُهُ . هَكَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961عِيَاضٌ : يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ : كَثْرَةَ الْخَيْرِ ، وَالنِّعْمَةِ .
قَالَ
الْبَيْجُورِيُّ : "فَسَاحٌ" ، أَيْ : وَسِيعٌ . "وَسَعَةُ الْبَيْتِ" : دَلِيلٌ لِسَعَةِ الثَّرْوَةِ ، وَسُبُوغُ النِّعْمَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ : "فَيَاحٌ" ، بِفَتْحِ الْفَاءِ . وَهُوَ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى . أَيْ : وَاسِعٌ. قَالَ: فَالْمَآلُ وَاحِدٌ . انْتَهَى.
وَقَالَ (فِي التُّحْفَةِ) : "الْفُسَاحُ ، بِالضَّمِّ : أَبْلَغُ مِنْ "الْفَسِيحِ" ،
[ ص: 468 ] كَالطِّوَالِ "مِنَ الطَّوِيلِ" ، وَالْكِبَارِ "مِنَ الْكَبِيرِ" . وَفُسْحَةُ الْبَيْتِ ، وَالدَّارِ ، وَالْفِنَاءِ . يُكَنَّى بِهَا عَنْ : "كَثْرَةِ الْأَضْيَافِ" .
تَقُولُ :
"أُمُّ أَبِي زَرْعٍ " ، كَارَاتُهَا ثَقِيلَةٌ ؛ لَا تُرْفَعُ عَنِ الْأَرْضِ ، وَلَا تُحْمَلُ عَلَى حَامِلٍ . أَوْ كَثَقِيلَةِ الْأَكْفَالِ : لَا تَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ دُونَ التَّكَلُّفِ . أَوْ كَجَفْنَةٍ عَظِيمَةٍ : تَحْوِي ثَرِيدًا كَثِيرًا ، وَلَا تَبْرَحُ مَكَانَهَا . أَوْ كَكَبْشٍ ضَخْمِ الْإِلْيَةِ : يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ . أَوْ كَجَمَلٍ مُثْقَلٍ : كَلٌّ) عَنِ السَّيْرِ . فَهِيَ (ذَاتُ وَجْدٍ وَوُسْعٍ) : تَنْزِلُ عَلَيْهَا الْأَضْيَافُ ، وَتَسْكُنُ إِلَيْهَا الْيَتَامَى وَالْأَرَامِلُ . فَهِيَ ذَاتُ خَيْرٍ وَكَرَمٍ .
وَصَفَتْهَا : "بِكَثْرَةِ الطَّعَامِ" أَوَّلًا ، لِمَا أَنَّهَا : مِلَاكُ كَثْرَةِ الْإِطْعَامِ . ثُمَّ وَصَفَتْهَا: "بِكَثْرَةِ الْإِطْعَامِ وَالْقِرَى" ، لِمَا أَنَّهَا : خِلَافُ مَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ النِّسَاءُ ؛ مِنَ اللَّوْمِ وَالْبُخْلِ، حَتَّى إِنَّهُنَّ يَأْمُرْنَ أَزْوَاجَهُنَّ : بِالْإِمْسَاكِ . وَيَلُمْنَهُمْ : عَلَى الْبَذْلِ ، وَالْإِسْرَافِ .
وَفِيهِ : رَمْزٌ إِلَى أَنَّ "شِيمَةَ
أَبِي زَرْعٍ " : أَثَّرَتْ فِيهَا ، وَأَنَّهُ كَانَ جَوَادًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ. وَفِي نَفْسِ وَصْفِهَا: إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ تُحْسِنُ إِلَيْهَا، وَتُرِيحُهَا . عَلَى خِلَافِ مَا تَفْعَلُ النِّسَاءُ بِأَزْوَاجِ الْأَبْنَاءِ . انْتَهَى.
قَالَ
الْقَسْطَلَانِيُّ : وَالْحَاصِلُ : أَنَّهَا وَصَفَتْ "وَالِدَةَ زَوْجِهَا" : بِكَثْرَةِ
[ ص: 469 ] الْآلَاتِ ، وَالْأَثَاثِ ، وَالْقُمَاشِ . وَأَنَّهَا : وَاسِعَةُ الْمَالِ ، كَبِيرَةُ الْمَنْزِلِ : لِبِرِّ ابْنِهَا "
أَبِي زَرْعٍ " لَهَا . وَأَنَّهُ : لَمْ يَطْعَنْ فِي السِّنِّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ فِيمَنْ يَكُونُ لَهُ وَالِدَةٌ . انْتَهَى.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ التُّحْفَةِ : "وَفِي نَفْسِ ذِكْرِ الْأُمِّ" : إِيمَاءٌ خَفِيٌّ إِلَى أَنَّ
"أَبَا زُرَيْعٍ" شَابٌّ ؛ لِمَا أَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ يَكُونُ أُمُّهُ حَيَّةً : أَنْ يَكُونَ شَابًّا . وَلَا مَحَلَّ لِلْإِيرَادِ ، فَإِنَّ الْمَقَامَ خِطَابِيٌّ .
وَ (ابْنُ
أَبِي زَرْعٍ ) : وَلَمْ يُسَمَّ . (فَمَا ابْنُ
أَبِي زَرْعٍ ؟) .
لَمَّا مَدَحَتْ
"أَبَا زَرْعٍ" وَأُمَّهُ : انْتَقَلَتْ إِلَى مَدْحِ "ابْنِهِ" . أَيْ : فَأَيُّ شَيْءٍ ابْنُ
أَبِي زَرْعٍ ؟ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ : التَّعْظِيمُ ، وَالتَّفْخِيمُ ، كَمَا تَقَدَّمَ .