4558 [ ص: 534 ] باب في فضائل جعفر بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس، رضي الله عنهما
ومثله في النووي. وزاد (وأهل سفينتهم).
التعريف بجعفر
أسلم "جعفر" قديما، وهاجر الهجرتين، وهو شقيق "علي" وأسن منه بعشر سنين. رضي الله عنه.
ويقال له: "ذو الجناحين" لحديث ابن عباس مرفوعا: "دخلت البارحة الجنة، فرأيت فيها "جعفرا" يطير مع الملائكة" رواه الطبراني.
وفي أخرى عنه "أن جعفرا يطير مع جبريل، وميكائيل، له جناحان: عوضه الله من يديه".
وفي حديث أبي هريرة -عند الترمذي والحاكم- بإسناد على شرط مسلم: "أنه، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم". وقال صلى الله عليه وآله وسلم لابنه عبد الله: "هنيئا لك أبوك، يطير مع الملائكة، في [ ص: 535 ] الماء" أخرجه الطبراني.
وكان قد أصيب "بمؤتة" من أرض الشام، وهو أمير بيده راية الإسلام، بعد زيد بن حارثة. فقاتل في الله، حتى قطعت يداه. فأري النبي، صلى الله عليه وآله وسلم -فيما كشف به- أن له جناحين مضرجين بالدم، يطير بهما في الجنة مع الملائكة. وكفى بذلك شرفا، وإكراما، وفوزا عظيما.
(حديث الباب)
وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 64 ج 16، المطبعة المصرية
[ عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: بلغنا مخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي (أنا أصغرهما) ؛ أحدهما: أبو بردة، والآخر: أبو رهم -إما قال: بضعا (وإما قال: ثلاثة) وخمسين "أو اثنين وخمسين": رجلا من قومي- قال: فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه، عنده.
[ ص: 536 ]
فقال جعفر: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعثنا، هاهنا وأمرنا بالإقامة؛ فأقيموا معنا. فأقمنا معه، حتى قدمنا جميعا. قال: فوافقنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم -حين افتتح خيبر- فأسهم لنا -أو قال: أعطانا- منها. وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلا لمن شهد معه. (إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه) : قسم لهم معهم.
قال: فكان ناس من الناس يقولون لنا (يعني: لأهل السفينة) : نحن سبقناكم بالهجرة. قال: فدخلت أسماء بنت عميس -وهي ممن قدم معنا- على حفصة "زوج النبي، صلى الله عليه وسلم": زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي، فيمن هاجر إليه، فدخل عمر على حفصة -وأسماء عندها- فقال: عمر (حين رأى أسماء) من هذه؟
قالت: أسماء بنت عميس. قال عمر: آلحبشية هذه؟ آلبحرية هذه؟ فقالت أسماء: نعم. فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم. فغضبت، وقالت كلمة: كذبت، يا عمر! كلا. والله! كنتم مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم. وكنا في دار -أو في أرض- البعداء، البغضاء: في الحبشة. وذلك في الله، وفي رسوله. وايم الله! لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أذكر ما قلت: لرسول الله، صلى الله عليه وسلم. ونحن كنا نؤذى، ونخاف. وسأذكر ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأسأله. ووالله! لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد على ذلك.
[ ص: 537 ]
قال: فلما جاء النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قالت: يا نبي الله! إن عمر قال كذا وكذا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ليس بأحق بي منكم. وله ولأصحابه: هجرة واحدة. ولكم أنتم -أهل السفينة- هجرتان".
قالت: فلقد رأيت أبا موسى، وأصحاب السفينة: يأتوني أرسالا، يسألوني عن هذا الحديث؛ ما من الدنيا شيء، هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم: مما قال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال أبو بردة: فقالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني] .


